ثقافة

“الروايات الغربية” بين القراءة والتباهي بها

لماذا يفضل البعض قراءة الروايات الغربية ويتباهى بذلك دون الانتباه إلى ما تحتويه الروايات العربية، أو الرجوع إلى النبع الروائي إلى ذواتنا، إلى يوميات حياتنا؟! ما هو السرّ في ذلك حتى يكون أدب الغير هو الأهم على خارطة الاهتمام لدينا، إنها الأسئلة تطرح ذاتها وتطرح وتضرب نواتج التساؤلات الروائية بمنتوج الأدب ومنه الأدب العالمي الذي ما زلنا نقرأ بعض عناوينه العريضة، بعض المسميات لبعض الروايات هل تكفينا، هل تمدنا بذلك المد الأدبي الذي نحتاج وفي بعض الحياة نقول: الحياة بحد ذاتها تكفينا بما تحتويه من عناصر روائية قد تغنينا عن متابعة المزيد من فصول أخرى، وهناك رأي آخر يرى الرواية ضروباً أخرى من الحياة التي نعيش، وإذا كانت الحياة بحد ذاتها تُعتبر رواية صعبة الفصول والقراءة وفي بعض الأحيان صعبة الكتابة، فكيف نكتبها، ولماذا ننقل ثقل الحياة بمعناها المادي والمعنوي إلى داخل السطور، إلى ضفتي كتاب يُدعى (الرواية) ذلك الكتاب الذي يشكل امتداداً شاهق الأبعاد لحياتنا، لأوجاعنا، لكل ما نحلم به على حدٍ سواء.
هناك من يقول: إن الرواية لغة الشعوب أو ذاكرتها التاريخية والأدبية، فكم من الروايات ضمت صوراً مازالت خالدة من خلال جمالها الأدبي الرفيع، فمن منا لا يتخيّل نفسه في أحياء مصر يعيش الحياة بكل تفاصيلها هناك عندما يقرأ نجيب محفوظ ويدخل بين سطوره ويقف على عتبات الزمن المصري بكل تداعياته؟! ومن منا لا يعيش العبقرية البحرية عندما نطل على روايات حنا مينه وزمانها السردي الروائي، فالرواية هي النموذج الإبداعي الأجمل والأفضل، وهي مدارات مستوحاة من قلب الواقع، من قلب الزمن لذلك المكان الذي ننتمي له، فكم من الروايات خلّّدت ذكرى أبطال حقيقيين على صفحات الحياة الواقعية، وهنا يكمن تمييز أي فن نؤيدُ ونستلهم منه المزيد من التجدد والروعة. هنا يكمن جمال الأدب بكل صنوفه وأصنافه، بكل أجناسه، بكل مربعاته ومداراته التي تتسع وتضيق تبعاً لمبدعي كل عصرٍ وكل زمنٍ، وإذا ما قلنا: إن الرواية بمفهومها العام وبشكلها الإبداعي تشكل أيقونة من أيقونات الأدب وعلامة هامة من علاماته، وبوصلة الذاكرة، والذاكرة الروائية لا يمكن إلّا الوقوف عند دورها الشمولي، دورها التحليلي في عوالم السرديات والسرد الواقعي بالذات، وهنا لا بد أن نقول: إن الروايات الأجنبية وعوالمها المسترحبة من حيث السرد الزمني والمكاني هي التي تفرض حضورها الأبهى والأرقى بين القراء وفي الأذهان، ذلك المفهوم الروائي العالمي أو العربي والغزارة الروائية التي نقرأ، وهنا لا بد أن يكون التحليل الروائي هو سيد الموقف، وسيد الأدب بمفهومه الأرحب الواسع.
من هنا يتسع المفهوم الأعمق لبناء العمل الروائي الجاد والمميز على حدٍ سواء،  يتأتى وكـأنه نموذج تصويري ترميزي لكل الحياة التي نعيش، وإذا أخذنا هذا بعين الاعتبار يتبادر للذهن السؤال التالي: لماذا نبتعد عن العمل الروائي السوري أو العربي بشكل عام ونتجاهل الأسس التوصيفية الروائية لكل ما نعيش ونفضّل أن نقرأ هذه الجزئيات الروائية والتوصيفية ونهتم بها؟ كيف نكتبها ونقرأها؟ وكيف نعطيها الأهمية التي تستحق ونجعلها رافداً من روافد الأدب الروائي الأقرب إلى العالمية.
منال محمد يوسف