ثقافة

ثقافة الفصول و مدلولها الجمال

كل منا يدور في فلك الدوران الزمني, كل منا يبدو تائه التفكير في فلسفة الأرجوان التي تدخل على الجملة الفصلية فتنصب وترفع وتيرة الحالة النفسية والوجدانية لدينا وينتهي بها الأمر وكأنها جمل لا محل لها من الإعراب، ينتهي بها الكلام إلى مستويات التوصيف الفصلي والترميز اللغوي إلى ثقافة الفصول, ثقافة تسمية الشيء بمسميات القاموس الفصلي، هذا القاموس الذي يشترك الجميع في قراءة مجلداته وحتى في مجريات زمن الحدث لديه، فكلٍ منا يبتكر ثقافة خاصة به تجاه الفصول, ثقافة يمكن أن تكون مرسومة على خارطة التفاؤلية أو التشاؤمية، نحن من يقود مركب هذه الثقافة أو تلك ويوجه المركب حسب مزاجية معينة، هذه المزاجية يمكن لها أن تتبدل وتتحول حسب مجيء فصل ما أو رحيله، وترك صفحات لذكريات ما جرى، ذكريات لذاك الزمن الذي حمل حقائبه وارتحل على أمل أن يعود الزمن ويكون عوده (أحمد).
كل منا يعشق فصلاً من الفصول ويعتبره فصله الحقيقي، أو حتى يعتبر أن هذا الفصل أو ذاك انعكاس لوجوده. كل منا يصبغ ذاته ومزاجيته بلون الفصل الذي يعشق، قد يكون الفصل مرحلة زمنية نمرُ بها، وقد يكون مرحلة إبداعية كفصول أي رواية أو أي مسرحية, يمكن لكل فصل أن يلقي بمشهدية هي الأقدر على البقاء،  وكم من الفصول شوهت عندما استخدم اسمها في غير محله وغير أوانه، وغير مسمياته الجميلة كما اسم فصل الربيع.
قد تكون الفصول هي الأقدر على  أن تجعلنا نسترخي بين طيات صفحاتها، وبين كل الفواصل الموجودة بين جملها النثرية والتي يصح تسميتها بالوردية كما يصح أن نقرأ واقعيتها أو التراجيدية الذي نعيشها بشكل عفوي، فكلٍ منا يعشق فصلاً ويضعه ضمن الأشياء المحببة له, وكل منا يربط عشقه لهذا الفصل أو ذاك بحوادث وقعت وكان لوقوعها ذلك الأثر الإيجابي أو السلبي، وبالتالي يجعل تلك الفصول هي  المحببة له أو محببة لنا، يجعلها أكثر وثوقاً والتصاقاً به وكأنها امتداد وصفي تحكيه مفردات الطبيعة ولغة الجمال الرباني، وهنا لا بد أن ينعكس لون الفصول وجماليته على مزاجية كل منا وعلى ما يكتب من أدبٍ وفلسفاتٍ وفصول حياتية ربما تحتاج إلى بعض التراتبية, إلى بعض التوثيق الذي من المفروض أن يكون معتلياً عرش الإبداع، أو عرش التوثيق المرحلي أو الفصلي، ذلك التوثيق الذي يكون على علاقة وثيقة الصلة مع ذاكرة الأيام، أو الفصول التي وإن تبدلت تبقى  العلاقة فيما بينهما كما علاقة الصفة بالموصوف، وكما علاقة اللون الفصلي بكل الانتماءات التي نعشق,بكل الثقافات التي نحاول الاقتراب منها ونكتفي بمحاولات التمني, بمحاولة رتق ما تفتق من ثوب الأيام بخيط الكلام فقط، ذلك الخيط الذي يشبه في بعض حاله وأحواله حكاية العنكبوت, وحكايات القز وفصول النسج المتأهب في أزمنة التوت, أزمنة الاشتهاء اللوني أو الفصلي.
كل الإشارات وأحرفها تبدو يتيمة الإعراب, يتيمة المسار ضمن أولوية كل فصل وآخر, ضمن جدلية البقاء الفصلي وارتهانه لمؤشرات عدة  تسير بنا إلى دائرة الفصول دائمة الروعة والتجدد، متجددة التجاذب المدروس بيننا وبين كل فصل على حدا.
منال محمد يوسف