ثقافة

فيرجينيا وولف.. سيدة الحداثة تكشف أوراقها

أدلين فيرجينيا وولف 1882-1941 أديبة إنكليزية، اشتهرت برواياتها التي تمتاز بإيقاظ الضمير الإنساني ومنها: السيدة  دلواي، الأمواج. وتعد وولف واحدة من أهم الرموز الأدبية في القرن العشرين.جاءت الحرب العالمية الثانية لتضع الشرط الإنساني أمام امتحان عسير، وتعيد البشرية إلى أزمان همجية بدائية، وزادت حالة فيرجينيا سوءاً خاصة بعد تدمير منزلها في لندن، والاستقبال البارد الذي حظيت به السيرة الذاتية التي كتبتها لصديقها الراحل (روجر فراي) حتى أصبحت عاجزة عن الكتابة. لم تكن روح مرهفة مثل روح فيرجينيا وولف تتحمل وجودها، فقد أحسّت أن هناك جواً عاماً من الرعب والقهر يأكل مصير الفرد في هذا الكون، ولأنها  لم تعد قادرة على احتمال هذا كله، ولأن الماء كان في “الأمواج”، اختارت فيرجينيا في يوم ربيعي من العام 1941 أن تضع في لجة الماء حداً لحياتها، فطواها الماء وطوى معه عذاباتها.
على هذا النحو تنتهي مسيرة حياة فيرجينيا وولف، إحدى أكبر الكاتبات الإنكليزيات خلال النصف الأول من القرن العشرين. ودّعتها بريطانيا والأوساط الأدبية خير وداع، باعتبارها صاحبة روايات كبيرة وصاحبة معاناة أكبر، وباعتبارها أيضاً في جماعة بلومسبيري الأدبية التقدمية، التي لعبت دوراً في الفكر الإنكليزي الليبرالي أوائل القرن العشرين.
فيرجينيا وولف، هي من كتّاب المقالات، تزوجت عام 1912 من ليونارد وولف، الناقد والكاتب الاقتصادي، وهي تعد من كتاب القصة التأثيريين، كانت روايتها الأولى ذات طابع تقليدي مثل رواية “الليل والنهار” 1919، واتخذت فيما بعد المنهج المعروف بمجرى الوعي أو تيار الشعور كما في رواية (غرفة يعقوب)1922، و(السيدة دلواي) 1925 و(إلى المنارة) 1927، و(الأمواج) 1931، ولها روايات أخرى ذات طابع تعبيري، منها رواية (أور لا ندو)، و(بين الفصول) 1941، وأيضاً اشتغلت فيرجينيا وولف بالنقد، ومن كتبها النقدية: “القارئ العادي” 1925، و”موت الفراشة ومقالات أخرى” 1940، كما كتبت ترجمة لحياة “روجر فراي” 1940، وكتبت القصة القصيرة، وظهرت لها مجموعة بعنوان: “الاثنين أو الثلاثاء” 1921.
فيرجينيا وولف التي تعلّمت على يد والديها في بيت مثقف ومترابط، كانت قد انتحرت غرقاً مخافة أن يصيبها انهيار عقلي، وكانت آخر سطور دوّنتها هي تلك التي حملت تاريخ الثامن من آذار عام 1941، أي قبل أيام قليلة من انتحارها، وهذا العمل هو، بالطبع، “يوميات كاتبة” الذي يتألف في مسودته التي تركتها فيرجينيا من 26 كراساً، لكن ما نُشر منها خلال السنوات القليلة التالية لحياتها لم يتجاوز الأربعمئة صفحة، ومنذ رحيلها، والنقاد والمؤرخون يكتبون عنها، يحللون أعمالها، ويربطونها بحياتها، ولكن منذ أن نشرت أجزاء “اليوميات”، تبدلت الأمور كثيراً، كان ذلك هو العمل الذي وضعه الباحثون في مصاف كبار الكتاب أمثال: دوستويفسكي.
يوميات فيرجينيا وولف تأتي لتضيء أيضاً على حقبة كاملة من تاريخ المجتمع، والحياة الثقافية في بريطانيا منذ نهاية القرن التاسع عشر، وطوال عقود من بدايات القرن العشرين، وفي هذا الإطار ترتدي هذه اليوميات أهمية فائقة باعتبارها “وثيقة” حول انكلترا من الناحية الثقافية والاجتماعية، ومن هنا تحفل اليوميات أيضاً باستعراض ثاقب لأعمال تنتمي إلى آداب العالم كله، في مجالات الشعر والفلسفة والرواية والفنون.
إبراهيم أحمد