ثقافة

هل حقاً تتكاثر ” العزوبية “

أكرم شريم
لا نستطيع أن نتحدث عن حياة العازب أو العازبة قبل أن نتحدث عن الزواج، وماذا يمكن أن يقدم له ولها من حلول وقدرات نفسية وأخلاقية واجتماعية، ودينية، وإنجاب، وهو الأجمل والأجدى، وماذا ينتظر هذا الإنجاب من أمومة جاهزة رائعة، وكثيرة الخدمات، بل ومتكاملة الخدمات، إن لم نقل كاملة الخدمات. وهو أمر طبيعي كما نعلم جميعاً، لأنه تشفير إلهي، أن يبحث وأن يحب ثم يتزوج، وينجبا، وتخرج هاهنا الأمومة الكامنة، والصامتة، في كل إنسانة شابة!. ذلك أن هذه الشابة التي نعرف، أو هي قريبة لنا، أو التي نراها في الطريق، إنما هي أم وعندها دون شك، هذه الأمومة الكامنة، والصامتة، في كل إنسانة شابة!.
وفي عودة إلى موضوعنا والغريب بعض الشيء، وهو (العزوبية) نقول: من المؤكد أن الرجل الأعزب هو زوج، شئنا أم أبينا، ولكنه لم يتزوج بعد، وكذلك الشابة العازبة، وكأن الله قد خلق الإنسان (نصف) ولا يكتمل إلا بالنصف الآخر، ولا يعرف ذلك أصلاً، ولا يستطيع أحد أن يعرف ذلك قبل أن يتزوج!.
إذن.. فأنا نصف وهي نصف، وحين يتم الزواج فقط نصبح واحداً، متكاملاً هذه المرة، متفاعلاً، متنامياً، متعاوناً، منجباً، ونظامياً (شرعياً وقانونياً) وهو في الحقيقة أفضل نظام إلهي أوجده الله، ليستمر بقاء الإنسان والإنسانية، وتعمر البشرية وتستمر في البقاء مدى البقاء والحياة!. وكذلك هو التزاوج عند كل المخلوقات. ولا أريد أن أقول هنا إن الإنسان إنما ينفذ أمراً إلهياً حين يختار ويحب ويتزوج، ولكنني أحب أن أقول ذلك!.
فالأعزب إنسان وحيد دائماً، وباحث عن الآخر في نفسه دائماً، وقد يجده ويعيش معه نفسياً وليس واقعياً، ولكنه يبقى يبحث ويتأمل وينتظر هذا الأمل وكما لو أنه متأكد من حدوثه ومن ضرورة حدوثه ومن حتمية حدوثه أيضاً.
نعم!.. إنه وحيد حتى لو وجدته مع أفراد أسرته، أو مع زملائه في مكان عمله، أو مع أصدقائه يسهرون ويتسامرون، بل إنه وحيد في هذا العالم كله!.
ودليلنا على ذلك، أنه حين يتزوج تجد أن المجتمع يأتيه ويحيط به من كل جانب وفي كل وقت، وكأن الجميع صاروا أقرباء له، أو مثل أقربائه، ويتفاجأ بوجود قرابات تجيء له، وعلاقات من هنا وهناك، ولا يعود يعرف نفسه إلا مع الجماعة ومع المجتمع، ومع الجميع والمجتمع ومن أجل الجميع، والجميع معه وله ومن أجله!.
وأنا لا أريد هنا أن أقوم بدور (الخطّابة) في هذا المجال ولكنني سأعترف، وبكل جدية هذه المرة، وأمام الجميع أنني أشفق على الأعزب والعازبة، وخاصة إذا تجاوز الأربعين أو اقترب منها، ذلك أن النداء الداخلي من مشاعر الأبوة المزروعة عنده وفي دمه، ومشاعر الأمومة المزروعة في قلب الأم، وهذا (التبويض) الصارخ دائماً يطالب بالزواج والحمل، فضلاً عن الحاجة النفسية الأخرى، والوجدانية والاجتماعية، إلى الزواج والإنجاب فكيف إذن، وبعد كل ذلك ، تكثر العزوبية وتتكاثر، وهكذا تكون النصيحة اليوم، وأقولها بكل ثقة ومحبة وتقدير أن على كل إنسان أو إنسانة، وصل إلى سن الزواج وتجاوزه وخاصة بين الثلاثين والأربعين من العمر ولم يتزوج ولم يرغب، أو تردد أو شغله العمل، أو أية ظروف أخرى، أن يراجع الطبيب النفسي ويشرح له المشاغل والأسباب لهذا التردد، ذلك أن الوضع الطبيعي للإنسان والإنسانة وللإنسانية جمعاء أن يتم الزواج وفرحه وأولاده، وفي كل مكان في هذا العالم وبشكل طبيعي وبسيط وسهل ومن خلال رغبة عارمة، لكي تستمر الحياة وتعمر البشرية، وذلك لأن العازب بين الشباب وأجيال الشباب المختلفة، وكذلك التعريف من خلال الأهل والأصدقاء والمعارف، وفي كل البيئات ومهما اختلفت وتباينت هو الحل دائماً لمعرفة وقبول الآخر عن حب ورغبة وربما بإصرار أيضاً!.، وعلى عكس ما يريده ويخطط له أعداؤنا وأعداء الشعوب!.