ثقافة

ربيعة اسم تجلّى في العلياء

منال محمد يوسف
ربيعة وانتصار آخر أورقت به كل الأسماء والأفعال، أورقت البطولة رغم ثلج الأيام وعواصف كل الحاقدين.
ربيعة اسم تجلّى وكان الأسمى، الأبهى، كان الينبوع الأنقى، كان وكانت ربيعة ذاك الاسم الذي يرتدي الآن عباءة الأبطال، يرتدي نورهم شمساً، وبردهم دفئاً سرمدي الأقدار، ترتدي قمصان وأقاويل تبحث عن وصف القداسة لكي تجيد فنون الوصف، لكي ترتقي إلى حيثُ هي ربيعة الزمن القدسي وكل زمانٍ لا يقبل الذل والهوان.
ربيعة التي تكتسب قدسية خاصة من قداسة أبطال الجيش العربي السوري، لا يقبل أن تأتيه العواصف وينحني كريحٍ تجري هنا وهناك، لا يقبل إلّا أن يكون كالريح يجري بسفنه إلى حيث يشاء أو تشاء الأقدار، أقدار البطولة وحتمية وقائعها لو مهما ضاقت الأيام.
ربيعة اسم تجلّى في علياء كل ما نتمناه وكل ما نبتغي الوصول، اسم ارتقى وكم يطيبُ شهد الارتقاء هنا؟! كم يمتدُ البحر ويتسع مدّه الوردي بما جرى، وبما يجري الآن، كم يمتد الأفق ويسترحب بما زرعتم من شجيرات دائمة العز، دائمة الاهتداء إلى شواطئ النبل الأعظم، دائمة التوهج كشمسٍ ما زالت تستعير نورها من بناة النور والقدر الأعظم، بناة الجراحات ذات الأوجاع القدسية، ذات ظمأ عرفه أبطال كويرس والفرقة 17، عرفه الكثيرون ممن أعطوا لكل الأماكن، شيئاً قدسياً خاصاً بهم، شيء من عظمة عطاءاتهم، من قداسة ترحالهم في الأيام وصيفها، ترحالهم إلى  حيث نكون على موعدٍ مع ربيعة وإخوتها، مع نصرها الموعود، مع شيء لا يعرفه إلّا الأوفياء، أتقياء الأرض والنصر السامي، النصر المُظفر.
ربيعة.. تجلّى العلياء بكِ وبمن أعادوا النور إلى ناظريكِ، إلى غربة بكتها عيناكِ، إلى قمحٍ وزيتونٍ ما يزالُ يسألُ عن طورك وطول سنينكِ، وما زال يسألُ عن أعوام غربتك، عن صبرٍ كاد الشوق القاهر أن يغالبه ويغالبنا. كاد اسم الحنين أن يسمو ويصبح مقدساً، كاد أن ينبلج كفجرٍ حالم، ما زال الجيش ويمناه المباركة يكتبان تلك الأحرف، وأبجديات لا يمكن أن تخفت أقمارها وضياؤها ونقاط قوتها العظيمة، نقاط استرجاع النور الأول إلى حيث كان، أو استرجاع النور إلى عيني ربيعة، وإلى عيني كل بقعة كانت لنا وستبقى لنا، ستبقى عين أخرى لا يرفُ جفنُ الانتصار إلّا بها، ولا يندح عذب الماء إلّا من خلال هسهسة سواقيها، عينا الزمن الذي نريده نحن، نريدُ أن نرسم خرائطه، ونلون عيناه بجميل الألوان. آهٍ من الأماكن ومسمياتها؟! ومن غربة زمنٍ ألمت بتلك الأماكن القدسية؟! آهٍ من اشتياقٍ لمن يزرعون  النور الأخضر؟! لمن يرسمون خرائط العزّ بألف لون ولون، يكتبون مواثيق حبٍ وشرفٍ مع الأماكن، مع آهات من استشهدوا هنا وهناك وتركوا بدمائهم وصايا قهرٍ تعرفها الأيام ويعزفها لحن الأزمان، تعزفها جراحات تنادي علينا من كل جانب، تنادي من حيث كان النور الحقيقي وكنتم حقول زيتونه ومجد عناوينه وربيع القصيدة التي ما زال يكتبها على مهلٍ، على وجع عظيم، يكتبها ويلونها بأنات من  المحبة لا تنتهي، يكتبها شهقات عيد يحبو نحونا، في كل اتجاه، حيث تواجد بناة كل كلمة مثلى، كلمة الانتصار العليا التي تلقي السلام على ربيعة وأخواتها وسلام على من بث النور في ناظريها، سلامٍ عليهم وعلى نور الانتصار الواعد الآتي من  أجلهم يستحق السلام القدسي أن يُلقى.