ثقافة

مكافحة الفساد وحرية هذه المكافحة!

أكرم شريم
نسمع هذه الأيام، وفي أمكنة ومناطق ودول كثيرة بل ومتكاثرة باستمرار، عن مكافحة الفساد ووضع الخطط والآليات لذلك، وانشغال، بل واشتغال أجهزة هامة بهذه الموضوعات الكبيرة والهامة، والخطيرة أيضاً في حياة الشعوب!. ولكن ما نراه من نتائج لكل هذه الدعايات والجهود غالباً ما يكون أقل من المتوقع بل وقد يكون مخيباً للآمال، وأكثر من ذلك، وهذا هو موضوعنا اليوم انتشار الفساد في آليات وأجهزة مكافحة الفساد وبحيث تصبح المكافحة موجّهة في البداية ثم يبدأ عملها بالتراجع ثم الهدوء، ثم تبدأ تظهر آثار وعلامات الفساد في آليات وأجهزة مكافحته حتى تصبح مكافحة الفساد تعاني هي نفسها من الفساد، أو في الأقل من تدخل وتوجيه هذا الفساد لعمل مكافحته!.
والمطلوب في هذه الحالة، وهي ما حدث ويحدث وسيحدث في تقديرنا أيضاً، المطلوب مراقبة هذه الآليات والأجهزة والعناصر التي تقوم بعمليات الدراسة، ابتداء من وضع الخطط ثم وضع العناصر المسؤولة عن تنفيذ هذه الخطط ثم الاستمرار بذلك لمعرفة ردود فعل هذا الفساد وعناصره ومن يدعمه، وهل يدعمه بغاية السرقة والإثراء واحتلال المناصب الكبرى الخاصة بعمليات مكافحة هذا الفساد، لدعم وتأكيد استمراره وقوته، أم يدعمه بغاية التخريب والتدمير الداخلي والخارجي لكل مصالح وحاجات هذه الشعوب وإيقاف تطورها في كل مجالات حياتها؟!.
إذاً، فإن مكافحة الفساد هي عملية تحرير وطني أيضاً، وهي عملية بناء، وإن المحافظة على قوة البناء وأساسه وقوة حمولته واستمراره هي من أهم أعمال مهندسي هذا البناء وبنائيه، فما بالك إذا كنا نحارب الفساد نفسه وآلياته وعناصره ووسائل وآليات عمله واختفائه والتي يحاول دائماً أن يغطيها ويخفيها!.
وهكذا نصل إلى الطريقة الصحيحة أو لنقل الطرق الأصح والأجدى لمحاربة الفساد ومن يحميه أو يحاول حمايته، وبذلك نكون قد فتحنا المجال واسعاً لعمليات البناء والعطاء والتقويم الصحيحة والدائمة والمفتوحة على كل المجالات ولصالح الشعوب وخاصة التي هي في أمسّ الحاجة إليها!. وعلى أن نكون حذرين من وسائل انتشار هذا الفساد حتى إلى العدالة واعذروني إذا قلت هذا، فأنا أقصد ضعاف النفوس من رجال الرقابة، بحيث يضمن الفساد أن يحصل على البراءة، بل والبراءة المطلقة في كل توقيف أو دعوى أو حتى مساءلة قضائية!. وهذا لا يعني على الإطلاق أن مكافحة الفساد أمر صعب أو غير ممكن، بل العكس إنه من الأمور البسيطة وقليلة التعقيد وذلك لوجود الشواهد الدامغة دائماً ووجود الشهود، الذين هم شهود حتماً، بل وشهود إثبات سواء شاؤوا أم أبوا، وهكذا تكون النصيحة اليوم إن مكافحة الفساد ممكنة بل وقد تكون من الإجراءات القانونية السهلة، ولكن يجب أن نعرف كيف نخطط لمكافحة هذا الفساد وأن نعرف من ذلك الذين نضعهم لهذه المهمة الوطنية والتي هي في النهاية لصالح الوطن والشعب وتحرير وتطوير وتقوية آليات العمل لصالحه!.