ثقافة

فرقة التانغو السورية في الأوبرا فواصل البيانو حاضرة بمقطوعات التانغو من الشرق والغرب

سُميت رقصة التانغو الأكثر شهرة في العالم برقصة الحياة لأنها تعبّر بثنايا الجسد والتقارب بين الراقصَين عن مشاعر الحياة التي تعصف بها خطوط القدر بين حزن وفرح ولقاء وفراق، رقصة التانغو كانت حاضرة في الأوبرا عبر الأمسية التي قدمتها فرقة التانغو السورية بقيادة عازف البيانو إياد جناوي لمقطوعات تانغو من الشرق والغرب، خيمت عليها ألوان البنفسج، فكانت فواصل نغمات البيانو تشبه لحظات الحلم التي يتوقف معها الزمن لتمضي مع الإيقاعات الراقصة الصاخبة والسريعة، ضمن إطار التجارب الموسيقية التي يقدمها الأكاديميون، وللتعريف أكثر بتانغو الشرق الذي أدخله إلى موسيقانا محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمد عبد الكريم ومارسيل خليفة.
المحور الأساسي في الأمسية كان للبيانو والأكورديون لاسيما في أعمال أستور بيازولا، في حين شكّل الكمان مساحة واسعة في مواضع معينة، ليؤدي الغيتار والكونترباص دور الضابط الإيقاعي في بعض المقطوعات، ليكون الحضور الكبير للبيانو في المقطوعات الإفرادية التي دمج فيها جناوي بين إحساسه باللحن وبتقنيات الآلة الضخمة .
تميّزت الأمسية بتجربة التأليف الموسيقي لمقطوعة “تانغو فاميلي” وتألقت بمقطوعة تشاركية بين القانون الذي علا صوته على البيانو، ليتابع صالحية الرتم الشرقي بصولو الغيتار.
مفاجأة الأمسية التي أثارت الجمهور العاشق هذا النمط الموسيقي كانت اعتلاء راقصين من الجمهور خشبة المسرح في حالة فرح ليرقصا على أنغام التانغو.
الأمر اللافت إنصات الحضور الكبير للجمهور في القاعة متعددة الاستعمالات في إلى التدرجات اللحنية للتانغو الهادئ والبطيء والحزين بعيداً عن الألحان المألوفة للتانغو الراقصة.
تعمل فرقة التانغو السورية المتخصصة بهذا النمط الموسيقي على التوزيع الخماسي، حيث تضم خمسة عازفين على آلات شرقية وغربية بقيادة إياد جناوي، ولكل آلة دور معين وفق الجمل اللحنية المكتوبة لإيقاعات التانغو.
تانغو الشتاء
بدأت الأمسية بمقطوعة أخذت موضع الافتتاحية وشكلت وحدة كبرى لمقطوعة الشتاء في بيونس آيريس التي مضت وفق جمل لحنية حزينة أخذ فيها الأكورديون اللحن الأساسي، لاسيما أنها كُتبت لآلة الباندونيون التي تنتمي إلى عائلة الأكورديون، وكانت ضربات البيانو مرافقة للحن ليتصاعد الإيقاع مع التكثيف الوتري بالنقر على القوس كلحن مرافق مع التوزيع الخماسي، ليتغير النمط اللحني للأكورديون خاصة في مقطوعة فصل الخريف في بيونس آيريس الذي يعبّر عن تقلبات الحياة، شكلت هذه المقطوعة أحد المفاصل الهامة لأنها كانت موضع التبدلات اللحنية بين الربيع والشتاء في بيونس آيريس.
عطر التانغو
شغلت مقطوعة كومبارسيتا لمؤلف التانغو الشهير ماتوس رودريغز، التي أخذت طابع الذكريات الملونة مع التناغم اللحني وتداخل الأصوات، مكاناً في الأمسية، لتتغير أجواء الأمسية مع موسيقا التانغو التصويرية السينمائية التي ارتبطت بأذهان الناس للرقصة الجميلة المأخوذة من فيلم “عطر امرأة” الحائز على جائزة الأوسكار للمخرج مارتن برست، عطر الفتاة الذي جذب الكولونيل الأعمى ليراقصها على نغمات التانغو، ويكتشف أن التعاون الإنساني أكبر من الانتحار فيعدل عن الفكرة، لتتبعها رقصة تانغو روكسان من فيلم الطاحونة الحمراء التي تجمع بين الشاعر الإنكليزي ونجمة الكباريه.
ومن المعروف أن فرقة التانغو تعنى بمقطوعات تانغو الشرق، ففي القسم الثاني من الأمسية كان الحضور الأكبر للبيانو في مقطوعات تانغو من الشرق خاصة مع تانغو مارسيل خليفة الذي اهتم بالبيانو، فأظهر جناوي براعة فائقة في عزف مستويات لحنية متعددة مع اللحن الأساسي للنغمات مستخدماً الضربات ذات الوقع لتشكل فواصل لحنية تمهد للانتقال الإيقاعي، تتبعها موسيقا التانغو الأكثر قرباً من الناس تانغو محمد عبد الكريم، أما التشاركية بين القانون والبيانو فكانت رائعة بالتمازج الشرقي الغربي لتعلو نغمات القانون على البيانو الذي أخذ دور اللحن المرافق.
المحور الهام في الأمسية هو التأليف الموسيقي الذي مازال قليلاً في عالم الموسيقا الأكاديمية المعاصر، فقدم الموسيقي فواز العلي مقطوعة تانغو العائلة على مقام “مينور”، التي جمعت بين نغمات الحلم الهادئ والإيقاعات السريعة الصاخبة، ليأخذ الكمان دور اللحن الأساسي بتشاركية الأكورديون وبقية الآلات التي شكلت دور الضابط الإيقاعي للانتقالات اللحنية. وفي نهاية الأمسية أخذ الغيتار دوره الأساسي بصولو شرقي منفرد لعازف الغيتار الأول طارق صالحية.
ملده شويكاني