ثقافة

نجاح سلام مكرمة في دار الأوبرا

صوت نجاح سلام كان جزءاً من انتصارنا في حرب تشرين حينما صدح يردد “سورية ياحبيبتي” ليصل صداها إلى أرجاء العالم، اعتلت مسرح الأوبرا مساء أول أمس احتفالاً بالذكرى السبعين لعيد الجلاء وإيماناً بالنصر القادم، وقد شبهها وزير الثقافة “بالسنديانة الخضراء” لحظة تقديمه درعاً لها تقديراً لمسيرتها الفنية الحافلة بالعطاء والتي جعلتها جزءاً من الذاكرة والوجدان، في الأمسية التي أحيتها فرقة الموسيقي نظير موّاس بمشاركة همسة منيف.

وقد حيت الفنانة سلام جمهورها بأغنية خاصة عن قوة سورية وصمودها في وجه الإرهاب، ثم اشتركت بحوارية ثنائية مع الفنانة منيف بالأغنية التي هزّت العالم “سورية ياحبيبتي” مع تفاعل الحضور الكبير الذي ملأ القاعة احتراماً وتقديراً للفنانة، التي وصفت سورية بأنها “بلد الكرم والفنّ والجمال”، وعملت على نشر الأغنية الوطنية التي كان لها وقع البندقية في الحروب التي شهدتها الأمة العربية.
أظهر أداء منيف الرائع لأغنيات سلام قدرتها على غناء الفقرات التي تتطلب مساحة صوتية واسعة ومرتفعة، فكانت موضع إعجاب الفنانة سلام، إذ أشادت بتمثُلها أغنياتها بعيداً عن “الفلسفات الغنائية”.
كما تميزت الأمسية بصولو القانون في مواضع وصولو الناي في أخرى، لكن مفاجأة الأمسية كانت فاصلاً ساحراً لنغمات الكمان حينما تألق الموسيقي نظير موّاس، بتقديم فقرة صولو كمان لأغنية فيروز “ياريت منن مديتن إيدي” أغنت عن فرقة بأكملها.
ذهبيات نجاح سلام
تألفت فرقة موّاس من الوتريات والإيقاعيات الشرقية والقانون والناي بمشاركة الكورال، وبدأت بصوت منيف القوي “من قاسيون أطل ياوطني” التي سُبقت بصولو القانون للعازف عمران عدرا، لتقترب من الجمهور أكثر في أغنية “غالي يا وطني الغالي” مع الجمل اللحنية المتغيرة بمرافقة الوتريات مع الإيقاعيات، وتمكّنت منيف من استخدام الطبقة المرتفعة لصوتها، إذ تغيّرت أجواء الأمسية بغنائها الأغنية الأشهر لسلام والتي انتشرت في البلاد العربية “حوّل يا غنام” وسبقت بصولو الناي للعازف جورج ضاوي مع مرافقة الفرقة كلحن مرافق، ومن ثم انطلق صوت منيف بغنائها رائعة التراث السوري “رقة حسنك وجمالك” التي اتخذت فيها منيف البعد الغنائي الطربي، لتعود إلى وصلة ذهبيات نجاح سلام ثم أغنياتها الشعبية التي يرددها الناس، ورددها معها الجمهور بالتصفيق “ميل ياغزيل، والشب الأسمر ودخل عيونك وياريم وادي ثقيف”.
ليس بغريب على سورية
ووسط تصفيق الجمهور اعتلت المسرح الفنانة نجاح سلام لاستلام الدرع الذي سلمها إياه وزير الثقافة عصام خليل بحضور المدير العام للأوبرا جوان قره جولي، الذي رحب بالفنانة الكبيرة بمقولة السيد الوزير “ساعة النصر إلا ربع” إيماناً بالنصر القادم الذي يتزامن مع ذكرى الجلاء السبعين، فغنت سلام مع منيف بعد أغنية التحية “سورية ياحبيبتي”، وشكرت سورية على تكريمها، وهذا ليس بغريب على سورية التي تفتح أبوابها لكل الفنانين العرب، وقد انطلقت سلام كما ذكرت بمسيرتها الفنية من سورية نظراً لأوضاعها العائلية، لاسيما أن جدها عبد الرحمن سلام مفتي لبنان، فاشتُهرت في سورية وغنت على مسارحها وتعاملت مع كبار كتّاب الأغنيات والملحنين مثل رفيق شكري ونجيب السراج ومحمد سلمان.
البحث عن الأصوات الجميلة
وتابعت سلام عن دور الفنّ في تهذيب النفس وتمثل القيم الإيجابية في الحياة، وعن دور الأغنية الوطنية الذي لايقل شأناً عن البندقية مسترجعةً صورة جولاتها الغنائية إلى الجبهة خلال حرب تشرين تضامناً مع الجنود، وركزت على أهمية رسالة الفنّ باستمراره من جيل إلى آخر، وعدم التوقف عند صوت معين في الزمن الجميل، فأشادت بصوت الفنان الراحل وديع الصافي كظاهرة لن تتكرر، ولابد من الاستمرار بالبحث عن المواهب وتبني الأصوات الشابة الجميلة، ليس كما يحدث في برامج الهواة التي تعرض على القنوات العربية بتقديم الأصوات دون رعايتها، وأكدت على تشجيع الأطفال على الغناء لإغناء الروح وزرع حبّ الحياة فيهم. وأشادت بقدرة منيف على أداء أغنياتها دون أي تغيير.
حضر تكريم الفنانة سلام الفنان انطوان الصافي الذي أثنى على تكريمها وعلى مسيرتها الفنية الحافلة، وأطلق بهذه المناسبة فكرة أغنية مشتركة لغنائها مع الفنانة سلام عن انتصار الجيش العربي السوري، من ألحانه وكلمات ميشيل جحا، ورأى أن الفنّ موجه ومثقف ومعلم وناقد، وبالفن يرتقي الإنسان، كما أشاد بصمود الشعب العربي السوري المحبّ للحياة والمدافع عن أرضه وكرامته وعن انتصاره المرتقب لأنه صاحب حق، ولأن سورية تملك الإيمان والأصالة والشرف والكرامة.
ملده شويكاني