ثقافة

“لاجئ” تنال بجدارة لقب “كلمة العام”

درجت العادة في كل ربيع أن تجتمع لجنة تحكيم مهرجان “الكلمة”، وهو مهرجان أدبي يقام سنوياً في مقاطعة النييفر، وسط فرنسا، تستضيفه بلدة لاشاريتيه- سور- لوار حيث يجمع المهرجان حوله، جمهوراً من أصدقاء القواميس وعدد من أساتذة اللغة والكتّاب والصحفيين وعلماء الاجتماع والمتخصصين، لاختيار قائمة طويلة من المفردات المستحدثة والمشتقة والأكثر استخداماً، والتي تلفت الأنظار أكثر من غيرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد شارك في المهرجان ما يقارب الـ100000 شخص، وكانت من بين هذه الكلمات (الإرهاب، جمهورية، هروب…) إلى أن تصدرت القائمة لهذا العام بكلمتين من أصل عشرين كلمة: الأولى هي كلمة “لاجئ” أو “لاجئون” مع منافستها كلمة “مهاجر”، فبعد الأعوام العديدة التي سميت بـ”الربيع العربي” وكانت مليئة بالكثير من أخبار القتل والدمار، ومازالت ممتدة لغاية هذا العام تصدرت كلمة “لاجئ” القائمة حيث تردّدت كثيراً في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي فكانت حديث الجميع ومشكلة تؤرق المجتمع الأوروبي في زمن الأزمة الاقتصادية.
يرى رئيس لجنة تحكيم المهرجان، رولاند كايرول أستاذ العلوم السياسية، خلال مقابلة له في إحدى القنوات الفرنسية أن كلمة “لاجئ” تستحق لقب “كلمة العام” فهي أقل شرعية من “الهجرة” أو “المهاجر” التي تعتبر حالة قانونية، وبشرح أبسط للكلمة، فإن “المهاجر” هو الشخص الذي يترك مكاناً ويذهب لآخر لكي يعيش فيه مدة طويلة، أما اللاجئ فهو الشخص الذي يغادر بلده، بعد وقوع صراع أو حرب، أو معاناة ويكون بحاجة للمساعدة أو الدعم الدولي، ولأن الوضع سيمثل خطورة عليه إذا عاد إلى وطنه، لكن من وجهة نظر الفرنسيين –حسب رئيس لجنة التحكيم- إن “المهاجر” هي حالة طبيعية، ولكن يبقى “اللجوء” حالة إنسانية يجب الاهتمام بها.
في الحقيقة، ميزت لجنة التحكيم بين مفردتين: “لاجئ” و”مهاجر”، ولكي تعطي الطابع الإنساني للشعور العام الفرنسي اختارت كلمة “لاجئ” لتوحي بأنها تستقبل أولئك المستضعفين والمقهورين من شعوب العالم الأخرى، واستبعدت “مهاجر” التي تعطي الشعور بأنهم ليسوا بالضرورة من المحرومين والمظلومين في بلادهم. بالرغم من أنه في الواقع هو شعور إنساني نبيل، لكنه سيكون حقيقياً لو فعلت السياسة ذلك من قبل. ألم يتساءل أعضاء هذه اللجنة عن الدور الذي لعبته سياسة بلدهم في وصول هؤلاء اللاجئين إلى أوروبا وغيرها من بلدان العالم؟ ألم يخطر في بالهم أنها السياسة التي تسببت في دمار بلدان وموت مئات الآلاف من الناس، إذا لم يكن أكثر، وظهور التطرّف والإرهاب بدعم من هذه السياسة في مجتمعات كانت تعيش بسلام، ولا يموت فيها الناس جوعاً أو بالمجان؟، يختم رئيس اللجنة قوله.
جُمان بركات