ثقافة

العنف في الدراما السورية “رشة بهار” مبالغ فيها

لوردا فوزي

كأن جرعة العنف التي يواجهها السوري ويعيش تفاصيلها أو تروى له أحداثها، لم تشبع مخرجي ومنتجي الدراما السورية، فلجأوا إلى تجسيد العنف في أعمالهم ليصبح القتل بطلها الأوحد، ولتدور الأحداث من بابها إلى محرابها عن قصص الصراع والمؤامرات والاغتيالات، فتشعر حلقة تلو حلقة بأن المافيا السورية أصبحت واقعاً لا يمكن نكرانه، بل حتى إنها غدت من أقوى مافيات العالم وأشرسها!.
وإذا كانت إحدى وظائف الدراما هي نقل الواقع وتصويره مهما بلغ من العنف، فسنقول أن ما تقدمه أعمال هذا الموسم الرمضاني من مشاهد عنف واعتداءات جسدية لا يقارب عنف الحرب التي نعيشها، بل هو عنف تشعر أنه مستوحى إلى حد كبير من المسلسل التركي “وادي الذئاب” التي تمت دبلجته إلى العربية بأجزائه المتعددة، وأحداثه المبنية على صراعات لا تشبه واقعنا، ويبدو أن الأمر لم يقف عند الدبلجة بل تم -عبر الأعمال الدرامية لهذا الموسم- نقل ساحة الصراع إلى قلب دمشق تماماً بغض النظر عن واقعها الحياتي الذي لا يناسب ما تقدمه تلك الأعمال من أساليب وحيل وملاحقات وإجرام!.
وقد تعددت هذا العام الأعمال الدرامية السورية التي تحاكي العنف وتجعله عنواناً لها ويحوي معظمها مشاهد عنف جسدي ولفظي بشكل كبير ولافت، بدءاً من مسلسل “مذنبون أبرياء” الذي يتناول موضوع المخدرات والعنف  مروراً بمسلسل “أحمر” الذي لوّن حلقاته بلون الفساد والدم  إلى “دومينو” الذي يروي حكايات المافيات الاقتصادية، ناهيك عن مشاهد العنف المتفرقة بين مسلسل وآخر حتى وإن لم يكن العنف هو السمة المسيطرة عليه، وكأنه أصبح “رشة بهار” لا يمكن الاستغناء عنها في معظم الأعمال!.
ولعل “رشة البهار” تلك لها أثر كبير على متابع يعتبر أبطال الدراما أيقونة له، فهي تكرس العنف –لاشعورياً- وتشجع على انتشاره حيث يظهر البطل القاتل في مظهر  الشخص الذي لايقهر، ويملك قوة وسلطة وسيطرة تجذب البعض وتؤسس لحلم باطني وتقليد أعمى، خصوصاً عند المراهقين والأطفال، وحتى إن لم تنس تلك الأعمال -في أحسن الأحوال- تكريس نهاية وخيمة لذاك القاتل فإن ما جسده خلال حلقات العمل الثلاثين كاف لزرع أثار نفسية لا يستهان بها، وعلى الرغم من أن أي عمل يحتاج للقليل من “البهارات” -على أن لاتصل إلى حد مبالغ فيه – فبكل الأحوال كان جدير على الأقل بالقائمين على تلك الأعمال وضع تحذير في بداية عرض  كل حلقة  بأن “العمل يحتوي مشاهد لا تناسب الأطفال” أو “ينصح بوجود الأهل”، فالدراما كما هو معروف قادرة على القيام بغرس ثقافي وتشكيل واقع وتجاهل آخر.