ثقافة

الإرهاب في الدراما التلفزيونية للموسم الحالي

أعمال كثيرة حملت خطاباً درامياً موجهاً يدين العمليات الإرهابية بفنية مباشرة، فجسدت صوراً متعددة لتخريبهم وتصدت لفكرهم وأساليبهم، وفي الموسم الدرامي الحالي لم تكن الأعمال بمنأى عن الحرب التي يشنها الإرهابيون ومن يتعامل معهم، سواء بتناول ملامحها بصورة مباشرة أو بتضمين انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية خلال السياق الدرامي للأحداث والبنية الكاملة للنصّ، لكن العمل الأقوى في تجسيد تفاصيل العمليات الإرهابية وتبعاتها كان في مسلسل “أيام لاتنسى” إذ صوّرت كاميرا المخرج أيمن زيدان بأسلوب أقرب إلى السينمائي دخول داعش إلى إحدى بلدات ريف طرطوس على دباباتهم بثيابهم السوداء وبنادقهم المسلطة على صدور الأبرياء، بدلاً من أن توجه إلى الصهاينة أعداء الأمة العربية، في مشهد يذكرنا بمشهد دخول داعش إحدى البلدات في فيلم” فانية وتتبدد “للمخرج أنزور.

خيانة وطن
وتمكن زيدان في أيام لاتنسى من اختزال الصورة الحقيقية للوقائع بالصورة الدرامية ابتداءً من إطلاق القذائف على المنازل الآمنة وإحالتها إلى ركام إلى منع التجول إلى فرض ارتداء البرقع للنساء. ليتوقف عند أحد الشخوص الأساسيين في العمل (أبو سعيد) الذي جسد دوره الممثل محمد حداقي ليصوّر كيفية التعامل مع أحد زعماء داعش وخيانة الوطن، فإضافة إلى نوازع الشر التي يحملها (أبو سعيد) والتي بدت في سلوكياته الشرسة بالتعامل مع زوجته وضربها وقمعها، وبتعامله مع مساعده وجيرانه، يساعد داعش ويخبرهم أيضاً عن مكان العميد المحاصر مع عائلته في مزرعته (الفنان زهير عبد الكريم) بذريعة أن لديه معلومات هامة انتقاماً منه، في المقابل تصورّ كاميرا زيدان في الفضاء الجغرافي الواسع بين مفارق الطرق الجبلية رجال داعش الذين يحيطون بالمكان ويراقبون عائلة العميد، ليتصدى لهم جار العميد شجاع الذي يؤدي دوره الفنان محمد قنوع بمطاردة بطيئة. كما تناول زيدان أيضاً خلفيات الحرب الإرهابية من خلال تجار الأزمات والمتاجرة غير المشروعة والتحكم بالسوق واستغلال حاجة الناس بالخط الدرامي، الذي تجسده ملك المرأة المتسلطة الجشعة التي أدت دورها بحرفية الفنانة سوزان نجم الدين، إضافة إلى الخطف وطلب الفدية مقابل إعادة المخطوف كما حصل مع والد جمال – وهو شخصية ذات مكانة رفيعة – وكما حدث في الواقع حصلوا على المبلغ وأعادوا جثته. ليتوقف أيضاً عند المصير المؤلم لكثيرين هربوا من قنص وقذائف داعش ليموتوا على الحدود.

صمت يبوح
يتقاطع العمل في زاوية منه مع أحد مشاهد مسلسل أحمر التي تضمنها العمل حينما عاد (زهير عبد الكريم) إلى حمص، لتمرّ كاميرا المخرج جود سعيد على شوارع حمص القديمة بلقطات صامتة تبوح بفجائعية الكارثة اللاإنسانية بإبادة وتخريب مدينة بأكملها، ليربط بينها وبين مشاهده بأفلامه التي جسدت وحشية العمليات الإرهابية كما في الفيلم الذي عُرض مؤخراً “مطر حمص” و”بانتظار الخريف” بشكل مباشر لتوثيق صورة حقيقية عن الواقع، وإن بدت هذه اللقطات التي تضمنها مسلسل أحمر دخيلة على أحداث العمل، لكن المخرج وظّفها من خلال انتقال مكان إقامة أحد الشخوص إلى حمص.

سردية الإرهاب
وفي منحى آخر شغلت الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للحرب الإرهابية لوحات متعددة من بقعة ضوء، كانت بطلتها السردية الفنانة أمل عرفة سواء بالثنائيات مع الفنانة صفاء سلطان، أو في اللوحات الجماعية للكومديا السوداء والسخرية من المفارقات الاجتماعية من خلال “زبيدة” وإدارتها مكتباً افتراضياً للزواج والبيع والشراء، ليتوسع نشاطها ويطال المساعدة بالهجرة إلى ألمانيا أو تأجيل الالتحاق بخدمة العلم أو الإسراع بلمّ الشمل.وهناك الكثير من الأعمال التي تناولت العمليات الإرهابية كحدث وحالة، وأخرى تناولتها كخلفية للأحداث لتؤكد درامانا في كل عام أنها جزء لايتجزأ من مجتمعنا.
ملده شويكاني