ثقافة

حسام الدين خضور محاضراً في مكتبة الأسد وزارة الثقافة.. الناشر الأكبر في سورية وصاحب الكتاب الأفضل

من الطبيعي والضروري في الوقت ذاته أن يتضمن النشاط الثقافي المرافق لمعرض الكتاب الثامن والعشرين محاضرة نتعرف من خلالها على صناعة الكتاب في وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب الجهة الأبرز التي تمد ساحتنا الثقافية بخير جليس.. وقبل الدخول في تفاصيل ما تناوله د.حسام الدين خضور مدير الترجمة في الهيئة في محاضرته التي ألقاها أمس في مكتبة الأسد، وقد  أوضح في تصريحه لـ “البعث” أن الكتاب الإلكتروني في وزارة الثقافة هو شكل من أشكال نشر الكتاب للجهات التي لا يصل إليها الكتاب الورقي، وفي المرحلة الراهنة هي شكل من أشكال الترويج للكتاب، فكل كتاب يصدر ورقياً يصدر عنه في الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للكتاب نسخة (PDF)  وهذا أمر من ضروريات العصر الحالي ومن الوسائل التي تعتمدها وزارة الثقافة لإيصال المعرفة للجميع.

الكتاب سلعة
وعن الخصوصية التي يتمتع بها أي كتاب أشار خضور إلى أن كل كتاب يمتاز عن الآخر بقدرة مؤلفه على إيصال فكرته للقارئ وهذا ينجح حسب إمكانيات كل كاتب وقدرته على إقناع القارئ، دون أن ينكر أن واقع القارئ والقراءة بائس إذا قارنا أنفسنا بالدول المتقدمة، ولكنه ليس مع القول أن هناك زمناً جميلاً ماضياً كان فيه واقع الكتاب أفضل، لإيمانه بأننا اليوم نتقدم على صعيد القراءة التي أصبحت أكثر تخصصية ونوعية في ظل وجود مصادر متنوعة للمعرفة، منوهاً إلى أن عملية سبر تفاعل الجمهور مع الكتاب ما زالت عملية معقدة، لأن مسألة المعرفة تراكمية تظهر آثارها بعد فترة طويلة، كذلك لم يتردد خضور من القول أن الكتاب سلعة، وهذا لا يقلل من شأنه، بل على العكس تماماً لأن هذا يعني أن الكتاب أصبح حاجة للجميع.

سمعة مرموقة
وبالعودة لما قاله خضور في محاضرته فقد أشار إلى أن وزارة الثقافة حديثة العهد كمؤسسة من مؤسسات الدولة، تأسست في دولة الوحدة السورية المصرية عام 1958 بهدف تنفيذ سياسة الحكومة في المجال الثقافي وتوفير الخدمات الثقافية للمجتمع بطريقة مدروسة، وكان إنتاج الكتب إحدى مهمات وزارة الثقافة منذ نشوئها، وقد عهدت هذه العملية إلى مديرية التأليف والترجمة التي تأسست في العام نفسه والذي أنتجت  فيه  ثمانية كتب تأليفاً وترجمة، مؤكداً أن وزارة الثقافة وعلى مدى تاريخها حافظت على مستويين هما: الناشر الأكبر في سورية، وصاحبة الكتاب الأفضل أيضاً وقد اكتسبت على الصعيدين المحلي والعربي سمعة مرموقة ولا سيما في كتابها المترجم، لأن جزءاً من منشوراتها في مجال التأليف يستهدف تشجيع المواهب الشابة في الشعر والقصة والرواية والمسرح، وفي ما عدا ذلك يتمتع كتابها بمزايا الجودة مضموناً وشكلاً.

نقلة كمية ونوعية
وأوضح خضور أن مديرية التأليف والترجمة ظلت معنية بإنتاج الكتاب حتى العام 2006 تاريخ إنشاء الهيئة العامة السورية للكتاب التي أحدث إنشاؤها نقلة كمية ونوعية في إنتاج الكتاب تمثلت في ازدياد أعداد الكتب المنشورة وإصدار ثلاث دوريات: “جسور” التي تخصصت في قضايا الترجمة و”شامة” لفئة أعمار ما قبل “أسامة” والثالثة مجلة “الخيال العلمي” بالإضافة إلى دوريات وزارة الثقافة المعروفة كالمعرفة والحياة المسرحية والسينمائية والتشكيلية والموسيقية، ووزارة الثقافة قدمت على مدى عقود عشرات العناوين الجديدة كل عام إلى سوق الكتاب، مبيناً خضور وخلال رسم بيان أن إنتاج الكتاب كان في ارتفاع مستمر باستثناء عقد الثمانينيات الذي شهد حرباً ضد عصابات الإخوان المسلمين.

كيف يُصنع الكتاب ومن يصنعه؟
تأخذ عملية صناعة الكتاب الخطوات التالية في دور النشر العالمية: قبول الكتاب، تحرير الكتاب، التصميم، البيع والتسويق، الطبع، التجليد والتوزيع.. وهذه العملية محكومة بميثاق برن الذي يشترط موافقة صاحب الحق بالنشر، وهو المؤلف وهذه المراحل هي التي يمر بها الكتاب في وزارة الثقافة لتقوم بعد ذلك مطبعة الوزارة بإنجازه بما تملكه من خبرة على نحو يثير الإعجاب، منوهاً إلى أن وزارة الثقافة تقدم الكتاب بالقياسات والتصاميم المستخدمة عالمياً لأجناس الكتابة المختلفة، ومع هذا كان لا بد لخضور أن يتساءل ما إذا كان واقع حال صناعة الكتاب في وزارة الثقافة ودور النشر الخاصة تلبي حاجة السوق المحلية، والإجابة بالنسبة له كانت لا، لأن دور النشر العربية لا سيما اللبنانية والمصرية لها نصيب كبير في سوقنا المحلية، كما لصناعة كتابنا المحلية العامة والخاصة نصيب في سوق الكتاب العربي، وهذه ظاهرة إيجابية برأيه تشير إلى تكامل السوق العربية ثقافياً، مع تأكيده على أن الهيئة العامة السورية للكتاب ستعمل على تطوير ذلك بالعمل على إنشاء بنك معلومات محلي وعربي للكتاب المترجم يمكنها من تقديم الجديد إلى السوق العربي وأخذ الجديد مما تنتجه في حقل الترجمة.

الصورة التلفزيونية
ولم يخفِ خضور أن تحديات كثيرة تواجه صناعة الكتاب في سورية منها ضعف الميزانية، تخلف البنية التحتية، المكان، الموارد البشرية وهذه التحديات تفاقمت خلال الأزمات والآفاق الواقعية لتجاوز هذه الحال مرتبطة إلى حد كبير بقدرة جيشنا على إلحاق الهزيمة بالجماعات الإرهابية، وبنصرنا سوف يشهد الجيل الشاب اضمحلال الكتاب الورقي وبروز أشكال جديدة للكتاب الإلكتروني بالصوت والصورة يستجيب لكل الطلبات، ولكن لنصل إلى هذا المستوى من التطور علينا أن نحدّث مطابعنا ونزيد من ميزانياتها ونطور تجهيزاتها ونوفر المكان المناسب، ونحافظ على الموارد البشرية المؤهلة والخبيرة التي تلبي حاجتنا الثقافية، مبيناً أننا إذا كنا نشهد هذا التطور في بروز الكتاب الإلكتروني في جيلنا، فهذا يعني أننا محظوظون ونقطف ثمار التطور الذي حظي به الكتاب، مؤكداً خضور أنه كعامل في وزارة الثقافة يشهد بهذا التطور الذي يشق طريقه إلى الكتاب وتقديمه للقارئ بكل الأشكال التي توفرها التقنيات الحديثة، مؤكداً أن ما ينافس الكتاب العربي ليس الكتاب الإلكتروني فهذا الأخير شقيقه بل الصورة التلفزيونية التي تقدم كل شيء صوتاً وصورة على نحو أسرع مما تفعل كل أشكال الكتابة.

أمينة عباس