ثقافة

أنقذوا تراثنا

 

البساطة والتلقائية هي التي جعلت الأغنية التراثية تعيش في ذاكرة الناس، فرغم عدم توثيق تراثنا، إلا أن هذه الأغنية ما زالت محافظة على جماليتها حتى الآن، والسبب يعود إلى صدقها وبساطة كلماتها، فإذا عدنا إلى تاريخها نرى أن من كتبها إما فلاح يعمل وراء محراثه، وإما حصّاد يحصد زرعه، أو في عرس، وهكذا.. الأمر الذي انتبه إليه الرحابنة ونال اهتمامهم فعملوا على التراث بطريقة موسيقية حديثة وراقية وأوصلوه إلى العالم كله، فاستمر وعاش، وفي المستقبل أيضاً سوف يأتي من يقدم هذه الأعمال بطريقة جميلة وممتعة تناسب العصر وتحافظ على الأصالة فتستمر الأغنية التراثية، لكن ما يفاجئنا أننا نرى تراثنا الغنائي عرضة للتزوير حيث ينسب شخص ما كلمات أغنية ما وألحانها إليه، رغم أن تاريخ هذه الأغنية يعود إلى مئات السنين وليس من حقه أن يضع اسمه عليها، إلا في حالة واحدة إذا كان قد أخذ هذا اللحن التراثي واشتغل على مقدّمات ولوازم موسيقية، فحينها يحق له وضع عبارة “إعداد لحني” لا أن ينسب هذه الألحان له، مع أنه هناك أغانٍ تراثية تسجّل بأسماء وهمية، ولو أنه يوجد رقابة على التراث ومحاسبة من يقترب منه بغير وجه حق لما كان تراثنا عرضة للاستباحة بهذا الشكل، فالأسواق مليئة بالأغاني التي زيّفها من لا يدركون قيمة التراث، وهذا ما تصدّع به وسائل النقل العامة عبر مسجّلاتها رؤوس الناس الذين لا يكفيهم لهاثهم اليومي، حتى يأتي سائقو هذه الحافلات ويجلدونهم بأغنيات يؤدّيها مطربون لا يعلم إلا الله من أين أتوا، والمؤلم أنهم يصدحون بأغنياتنا التراثية بحجّة إعجابهم بهذا التراث وتغنيهم به، جاهلين أنهم بتصرفهم هذا يسيئون إلى التراث بدل أن يحافظوا عليه، والأسوأ أنهم يبدّلون في كلمات الأغنية ولحنها بما يتناسب مع مزاجهم، وبشكل يسيء إليها ويخرّش الذوق الفني. وهنا نسأل ما الحال الذي ستصبح عليه الأغنية السورية بعد عشرين عاماً، ماذا عن هويتها؟.

السؤال الأهم هل الذي يجري على الساحة الفنية السورية مقصود أم غير مقصود، أم أن الناس أصبحوا غير مبالين بالحالة المتردّية للفن. هو سؤال يبقى برسم الزمن ولجنة حماية التراث التي على عاتقها تقع مسؤولية كل ما يحصل لتراثنا.