ثقافة

يقتلنا بعض “الغباء”

 

أربكني إلحاح الفتى وتساؤله المستمر، حول: “متى موعد الانتخابات؟ هل ستجرى الانتخابات غداً؟ من ربح المعركة؟.

أية انتخابات تلك التي تسأل حول موعدها؟ أساله بشكل جدي؛ إذ لن أتوقع لانتخاب حاكم الولايات المتحدة الأمريكية؛ أن يشغل تفكير فتى لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر!.

– لم تسأل؟

– لا شيء؛ لكن الكل يتحدث وينتظر، أنا أيضاً أريد أن أعرف؟!.

هو الفضول إذاً، لا شيء آخر سوى الفضول أو هي العدوى؛ تنتقل من الآخرين، فهل من دواء؟! والأكثر إرباكاً، والذي يصيبك بالإحباط واليأس؛ أن تتحول تلك التساؤلات والفضول الغريزي، حول نهاية الانتخابات إلى نوع من التنافس والمراهنات إلى الأكبر سناً “والأكثر وعياً” وأن تنتقل من مجرد اختلاف في الرأي أو التوقع إلى نزاع يدب بين الأطراف، بين مؤيد لهذا ومنتصر لذاك، بينما “ليس لهم من الحب نصيب” سوى انتظار مصائب جديدة تهبط فوق الرؤوس، ما الذي ننتظره ممن إليه يعود “شرف” تصدير القاعدة وطالبان وبوكو حرام و”داعش” زومبي العصر الحالي؛ أو ممن يعزف على وتر العنصرية وبث الكراهية جهاراً باتجاهك تحديداً، وإعلاء شعار “الحلم الأمريكي” أولاً، أليس الأجدى أن نرفع شعار “مصلحة سورية أولاً”.

الأكثر إرباكاً؛ أن يؤخذ ظهور “الرابح” اليوم في فيلم كرتوني على أنه محض صدفة، أو أن ذكاءً خارقاً أعطى صانع الفيلم القدرة على “التنبؤ” بأحداث الحاضر؛ قبل مايزيد على خمسة عشر عاماً، بينما تقصر العقول عن التفكير؛ ولو على سبيل المحاولة؛ أن هناك من يقف خلف الأمر، ألا تستدعي تلك الصدفة التوقف ولو لحظات؟ والسؤال: من يقوم على صناعة الفيلم الذي يتوالى تحقق أحداثه بعد سنوات، من يمتلك تلك الشركة؟ للعلم فإن المنتج هو شركة فوكس الأمريكية التي يمتلكها روبرت مردوخ، فوكس المعروفة بمناصرتها المطلقة لإسرائيل وعدائها الشديد للقضية الفلسطينية، القضية التي تعني لهم، أننا جميعاً بلا استثناء؛ هدف للعداء المطلق، أنا؛ أنت وكل مؤمن أنها الحق وكل الحق.

أزمة جانبية حدثت،على هامش الجنون الانتخابي، إثر جَدَل حصل بين النجمين روبرت دي نيرو والممثل آرنولد شوارزنيجر؛ حاكم ولاية كاليفورنيا السابق، بينما كان الاثنان يستعدان لالتقاط صورة مشتركة، إذ توجه دي نيرو المؤيد لكلينتون بالسؤال إلى شوارزنيجر؛ إن كان سوف يقوم بالتصويت لترامب، ثم يوجه تهديده، أن الأمر سوف يقف عائقاً أمام أي نشاط مشترك بينهما، لتعلو الأصوات وتتحول  إلى جدال كبير استدعى التدخل والمناشدات لإيقافه، ليس الحدث بالأمر الهام، المهم في المسألة أنها جرت  خلال مشاركة الاثنين “رغم اختلاف وجهة التصويت” في دعم حفل “خيري” لجمع التبرعات، أقامته “جمعية أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي” تم خلاله جمع ما يزيد على 38 مليون دولار لدعم جيش الكيان الذي يقاتلنا ليس في معتقدنا فحسب، بل في حقوقنا وأرضنا والوجود أيضاً، هل من يقرأ ما وراء الحدث!! “الخبر أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية” هل سمع أحدكم قهقهة الورق؟!”.

يقتلنا الانجرار والانجراف مع التيارات أحياناً، إذ يريد لنا الآخر أن نضبط ساعاتنا وأزمنتنا على توقيت “حمار” أو “فيل” ونصدق أن الأمر ليس أكثر من مجرد انتصار لأحدهما على الآخر، بينما لا نَتبيّن أن “بعض الغباء يقتلنا كما كثيره”.

بشرى الحكيم