ثقافة

ربما الموّدات لا تكفي !؟

اجتمع ما يقارب العشرين فناناً تشكيلياً في معرض “تحية للفنان الراحل نذير إسماعيل”، الذي فقدته الحركة التشكيلية السورية الشهر الماضي بعد مسيرة طويلة وغنية عامرة بالمودة والجمال، والتأثير في جيل الشباب ومحيط الأصدقاء ومعايشيه، لم يبخل الراحل فيها عن التواصل مع الجميع والحضور الفاعل في المعارض والمشاركات الفنية الوطنية، وعن نصحه للفنانين الشباب ولأصدقائه، فكان يسمى بالحكيم لرجاحة رؤيته وتواضع شخصه ولطفه .
في المعرض الذي افتتح في صالة الشعب نلحظ السوية العالية من الأعمال المنتقاة بعناية الخبير المنظم للمعرض، وهي اتحاد الفنانين التشكيليين الذي أصر على السوية والنوع قبل الكم، فكان المعرض النوعي الذي اجتمعت فيه الخبرة والسوية المتقدمة في المشهد التشكيلي السوري، وهم من أصدقاء نذير إسماعيل ومجايليه، وقد سجل بعض الأصدقاء من الفنانين الذين غابوا عن المعرض عتبهم على الجهة المنظمة، وحسبي في ذلك دلالات المودة وما يربط بينهم وبين الفنان الراحل باعتبار أن لهم حق المشاركة في المعرض ولا يجوز استبعادهم! إلا أن الصورة في حقيقتها لم يتم استبعاد أحد ولا الانتقاص من أهمية أي تجربة لم تشارك في المعرض، وإن كان المعرض انتقائياً في اختيار الأسماء المشاركة، إلا أنه لم يكن إقصائياً لأي تجربة، ومن الممكن أن يكون مرحب بالجميع، إلا أن ما تتسع له صالة الشعب هو بالعدد القليل لأعمال محبي الراحل، فكان لا بد من اختصار العدد على حساب النوع وذلك ما أوقع الجهة المنظمة في الإحراج، وقد بينت في دعوتها أن المعرض سيقيمه الأصدقاء المقربون من نذير ومن لهم موقع متقدم في المشهد التشكيلي، وصولاً إلى تحقيق قيمة فنية من خلال اجتماع هؤلاء الفنانين في معرض مشترك تحت مسمى “الوفاء” لصديقهم الفنان الراحل، وتحقيق المعرض اللائق بنوعه من خلال سوية عالية من الأعمال، وقد يعتب البعض ويتساءل مستنكراً لعدم دعوتهم لحسابات المستوى الفنية لدرجة الصداقة!؟ ولهم في ذلك بعض الحق.
والقول ليست الأمور بالتصنيفات على هذه الطريقة، بل بالمودة التي تحكم عائلة الفنانين وانتمائهم لشغف يجمعهم وسيبقى، ولأخلاق صنعها الجمال وصقل علاقة المبدعين وعمّق جوهرها، وصولاً إلى الموّدات التي تكفي لبناء عائلة الفنون الجميلة، وتحصّن مبادراتها من عراقيل المتقاعسين.
أكسم طلاع