ثقافة

احذروا كعكة العيد.. جريمة عيد الميلاد…للمبدعة أجاثا كريستي

على غير عادتي ولأول مرة أنهي رواية خلال ثلاثة أيام، فقد اعتدت أن أعيش مع فصول الرواية أطول فترة ممكنة، وأتقمص شخصياتها، ولكن مع هذه الرواية كانت الأحداث والفضول ملتهبين بشكل مرتفع، في هذه الرواية تبدأ الأحداث حينما يقرر العجوز “لي” أن يجمع شتات عائلته المتفرقة من سنين، والمؤلفة من أربعة أبناء وبنت واحدة، حيث يقطن ابنه الأكبر وزوجته معه فقط، والبقية كلُ في منزله المنعزل، فيقوم المليونير “سايمون لي” بدعوة غير مفاجئة لأفراد عائلته للاجتماع في منزله خلال عيد الميلاد رغم معرفته لحقيقة أنه ليس محبوباً من كل أفراد عائلته، وأنهم أنفسهم ليسوا على علاقة طيبة مع بعضهم البعض، وما يزيد الأمر سوءاً قيامه بدعوة صاحب السجل الأسود في العائلة، ابنة “هاري”، وحفيدته “بيلار” التي لم يقابلها أحد منهم من قبل، فيما بعد يصل ضيف غير متوقع، وهو”ستيفن فار” ابن شريك “سايمون لي” في مناجم الماس.
يحوّل “لي” بهذه الرواية الاستمتاع بطريقة غريبة بإثارة أعصاب أفراد عائلته ورؤيتهم متوترين ومضطربين، إلا أنه وكما عودتنا الكاتبة الشهيرة بقصص الجرائم الغامضة “أجاثا كريستي” تنتهي لعبته بطريقة مأساوية عندما يسمع أفراد العائلة بعد انتهاء العشاء صراخاً رهيباً من غرفة ذاك الرجل العجوز، وعند وصولهم إليها يجدون الباب مقفلاً من الداخل، وبعد كسر الباب يجدون السيد “لي” يسبح في بركة دماء وقد تم قتله وسرقة علبة الماس كان يخبئها في خزنته.
طبعا بطل كشف الألغاز في معظم روايات “أجاثا” هو المحقق الشهير “بوارو” الذي يتم  استدعاءه  للتحقيق وكشف هوية القاتل، بعمله الدؤوب وربطه للحقائق وتقصيها، بطريقة روائية غاية بالسلاسة والمتعة، فقارئ تلك الرواية لا يلبث أن يضع الكتاب من يده إلا وشيء ما بداخله يحثه على إتمام القراءة دون توقف، فالأحداث المترابطة والغموض يشعر القارئ بالإثارة والتشويق لمعرفة النهاية. والغريب في تلك الراوية والذي أثار دهشة “بوارو” أنه لا يجد جواً من الحزن بل جواً من الشك المتبادل، ليكتشف أن كل واحد من الموجودين كان يمتلك سبباً كافياً ليكره الرجل القتيل ويتمنى موته!.
تتصف فصول الجريمة بالغرابة وانعدام المنطقية، فلقد سمع جميع من في البيت صوت سقوط الأثاث في الغرفة وانقلاب الكراسي وتكسر الزجاج عليها، يتبعها صرخة مدوية، وحين صعد أفراد العائلة متتبعين الصوت، وجدوا الباب مغلقاً فاضطروا لكسره ليجدوا أباهم يسبح في بركة من الدماء وقد تناثر أثاث الغرفة وانقلب وكأنها قد حدثت مشاجرة عنيفة أعقبها موت.
تقع الرواية في 300 صفحة حينما انتصفت بها خمنت من هو القاتل وحينما تبّقى 20 صفحة على النهاية أطلقت القاتل من يدي وأزلته من حساباتي ولكن فعلاً في النهاية كان هو القاتل.. ولأول مرة تحدث معي في روايات أجاثا كريستي..واعتبره إنجاز، ففي الرواية تفاصيل كثيرة تجعل القارىء  يتوه فيمن سيكون القاتل ولكن كعادة بوارو دائماً ما يتجه حيث يقع القاتل، ويعرفه من (لمعة عينيه)
الرواية شيقة جداً وكعادتها “أجاثا” دائماً تقوم بتحوير القاتل وتحويله في ذهن القارئ، فيعجز عن تخمين القاتل، كيف لا وهي تتربع على عرش الرواية البوليسية طوال نصف قرن دون مزاحمة، وفي رواياتها نجد كماً كبيراً من الألغاز والحبكات الغامضة سواء في البناء القصصي أو المعمار الدرامي..
دانيا عبارة