ثقافة

بعتك سيفي وليس ذراعي

خرج فارس فُرسان قبيلة “بني تنبل” إلى الصيد وحيداً, وبينما كان يتسكّع على ظهر جواده باحثاً عن الطرائد مرّ على إحدى الغابات ورأى أشجارها الباسقة تتساقط واحدة تلو الأُخرى, تعجّب الفارس وتقدّم ليرى ما سبب سقوط هذه الأشجار, وعندما دخل الغابة رأى حطّاباً يُمسك سيفاً يهوي به على جذع شجرة فيقطعه بضربةٍ واحدة ثمّ يهوي به على جذع شجرةٍ أُخرى فيقطعه أيضاً، تملّكتْ فارسَنا الدهشة, واقترب من الحطّاب وحيّاه وقال له: يبدو أنّ سيفّك مصنوعٌ من معدنٍ لا مثيل له, أتبيعني إيّاه أيّها الحطّاب؟
أجابه الحطّاب: إنّه سيفٌ عزيزٌ عليّ جدّاً إلّا أنّني سأبيعك إيّاه, فبنو تنبل أعزّاء علينا, إلّا أنّك ستدفع ألف قطعة ذهبية ثمناً له, فهو سيفٌ كان لجدّي وأبي من قبلي ويعزّ عليّ فراقه.
ورغم أنّ المبلغ الّذي طلبه الحطّاب كبير إلّا أنّ الفارس وافق من أجل الحصول على هكذا سيف سيجعل منه الفارس الأوّل في البلاد, وأخبر الحطّاب أن ينتظره ريثما يعود إلى القبيلة ويبيع نوقه ليؤمّن المبلغ, وبعد عدّة ساعات عاد الفارس ومعه المبلغ وحصل على السيف وعاد إلى مضارب القبيلة مزهوّاً.
وفي صباح اليوم التالي جمع أفراد القبيلة ليُريهم قُدرات سلاحه الجديد، وطلب منهم إحضار جذع شجرة, فأحضروا له, وعندما ثبّتوه هوى بسيفه الجديد على الجذع بضربةٍ قويّة إلّا أنّه لم يخدش سوى اللحاء, تفصّد العرق على جبينه وهوى بضربةٍ أُخرى أقوى من الأولى دون أن يحدث أيّ شيء, تصاعدتْ همهمات الناس المشوبة ببعض التعليقات الساخرة على غرار “ألهذا جمعتنا؟!”. جُنّ جنون الفارس وطفق يضرب الجذع بسيفه دون أن يُصاب الجذع سوى بخدوشٍ بسيطة.
تفرّق الناس وذهب كُلٌّ إلى عمله يضرب كفّاً بكفّ بعد أن رمى الفارس بنظرات الشفقة، فار الدم في عروق الفارس فركب جواده وانطلق إلى مكان الحطّاب وعندما وجده قال له:
لقد خدعتني وأعطيتني سيفاً غير السيف الّذي رأيتُكَ تقطع به جذوع الأشجار بالأمس, فأنا لم أستطع قطع جذع شجرةٍ به مثلما كُنتَ تفعل أنت.
فرد عليه الحطّاب وهو يحزم بعض عيدان الخشب: حبيبي, لم أخدعك, أنا بعتُكَ سيفي لكنّني لم أبعك ذراعي!.

ولاء النابلسي