ثقافة

الثقافة البصرية

يتجسد الإبداع في مجال الفن التشكيلي في العلاقة بين المجتمع والقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية المهذبة للروح والنفس والوجدان في عالم الجمال الطبيعي، أو المبتكر وذلك في راهن الزمن الذي فقدت  الكثير من الخصال الحميدة تفقد معظم مضامينها الجوهرية، نتيجة اتساع دائرة الثقافة الاستهلاكية في شتى مناحي الحياة، وظهور معالم فكرية براقة في الشكل وفارغة في المضمون؟!.
ومهما يكن الأمر في تداعيات الثقافة المسطحة في التشكيل الفني، فإن الجمال بمنابته الحضارية الراسخة والمميزة لا يمكن أن يمحى من الذاكرة، لتجذره ووقوفه سداً في وجه التحديات بأنواعها، وكونه يشكل عراقة تاريخية وعمقاً فكرياً خلاقاً يتماشى مع حياة الإنسان..
ولكي نحافظ على الجانب الثقافي في ضوء تفشي الغزو الفكري متعدد الوجوه والأشكال الذي يستهدف جذوة النقاء تحت عنوان العولمة، مما يتطلب التمسك بمقومات الهوية الوطنية الفنية والفكرية والأدبية والتربوية والارتقاء بمستوى آليات التعاطي مع المجتمع وخاصة الشريحة المعنية بشؤون الإبداع الثقافي والفني، وإعطاء فرص التواصل مع المتلقين من خلال خلق حالة طموحة للتحفيز والإبداع والنضج، والاتكاء على الأصالة الحضارية بغية إطلاق مسيرة التجديد والتطوير والتنوير في مختلف شؤون الحياة الثقافية، ووفق رؤى متنورة في المناهج والمفاهيم والاتجاهات والأساليب الفنية، على أن تلامس إيقاعات الواقع وتتعاطى بشفافية مع المتغيرات وبلغة صريحة لا تلغي المبادئ الأساسية أو تقفز من فوقها بل تتواكب مع متطلبات الحياة الثقافية بشكل عام والتشكيلية بشكل خاص وتتحاور بروية واتزان مع الطروحات المعاصرة لكي نصل إلى مطارح الجمال المتألق في كل شيء والمنسجم مع القيم الأخلاقية لتحقيق السمو الوجداني وعذوبة اللغة البصرية المطاوعة لتطلعات وأحلام وآمال الإنسان.

أحمد العلي