ثقافة

لا لزوم نموت بعض الأحيان..!!

أريد أن اعتذر لك نيابة عن هذا الخط الطويل ما بيننا.. أنا نقطة بعيدة وأنت نقطة بعيدة في أعماق البعد.. أعتذر عن أيام ثقيلة راحت من زمن العالم سدى دون أن نتعانق وقت بكاء أو فرح، ودون أن نضع صورة تذكارية لضحكاتنا أو أن نذهب إلى حجرة المنفى داخلنا.

أشياء كثيرة لم نفعلها بسبب خطأ فادح في جغرافيا ما نعتقد به..!

حقيقة أنا “كومة” عملاقة من الأسف.. أريد من الدنيا أن تمنحني وقتاً كافياً أصحح من أخطاء الحظ ثم أتفتت وأجيئك على هيئة كومة من القبل والأسف..

سأعتذر منك إن مت أيضاً وكلفتك عناء الإجابة عن سبب موتي لأني أعلم جيداً بأنك تجهله كما كنت تجهل سبب حياتي وسعادتي..على كل حال قل لهم مثلاً.. ماتت بسبب حساسيتها العالية تجاه الواقع وما حدث لبلادها خلال تلك السنوات السبع العجاف.. ولكثرة ما ودعت أحبة ذهبت إلى دنياهم بعيداً هناك..

أو قل لهم.. قلبها كان مملوءاً بالديناميت ولا أدري من أشعل فتيل الحب هذا الصباح.. فماتت.

أو قل لهم.. كانت تقطع الشارع كما عادتها بقطع الحياة باندفاع وعجل وكأنها تركض للموت بكل الأشكال.. فماتت.. أو أخبرهم بأنني كنت دائما أحب أن أرعى العشب في أراضي الآخرين، لذا كان موتي منتظراً وبلا قصد كل مرة أموت.. فماتت.

قل لهم.. كانت تعشق حكايات الكاذبين وتصدقها بإصرار غبي.. فماتت.. أو قل لهم.. أن همّ الأحبة أكل قلبها ونسيت أن تعيش.. فماتت.

لا.. لا انس كل ما ذكرت وقل لهم باني سمكة ومن الخطأ أن أكون خارج الماء أنا واثقة سيكون سبب أكثر إقناعاً لك ولي على الأقل..

أخيراً قل لهم.. إني احتجت إلى أن أكون وحيدة لا أسمع أحداً ولا أفهم أحداً ولا أحد يسمعني أو يفهمني أيضاً.. يا له من سبب مهم للوفاة..

اصنع موتي كما يحلو لك فأسبابه الأساسية ملك يمناك.. حدد الوقت والتاريخ وأنا جاهزة في كل الأوقات، ولكن أرجوك، لا أحب الموت صباحاً خجلاً من إشراقة الشمس وما وعدت به الزهرات.. الآن ما يهم أني مت وحسب.. والأهم أني رغم موتي بقيت على موعدي مع النجوم آخذها إلى ديارها كل فجر قبل أن أنام.. ولم أنس أن أسوق المياه إلي ينابيعها كل صباح.. وما نقضت عهداً قطعته مع الغيم من ولادة المطر حتى الآن.. أنا لست حزينة أو نادمة فبالموت ننتصر على الكثير من سخافات الحياة…!.

لينا أحمد نبيعة