ثقافة

مهرجان سينما الشباب.. الفعل المقاوم للموت والخراب

استطاع مهرجان سينما الشباب للأفلام القصيرة وخلال مدة قصيرة نسبياً أن يتحول لحدث ثقافي وفني هام في سورية، بعد أن استقطب مجموعةً كبيرة من السينمائيين الشباب الذين قدموا عبر دوراته الأربع مجموعةً من الأفلام الهامة، وها هو في دورته الرابعة يثبت أن مشروع دعم سينما الشباب الذي أطلقته وزارة الثقافة بدأ يقطف ثماره ويحقق أهدافه في تسليط الضوء على عدد من المخرجين الذين يؤهَّلون عبر هذا المشروع لإكمال مسيرة السينما السورية.

دم جديد

ويشير الأستاذ محمد الأحمد وزير الثقافة على هامش المهرجان إلى أن مشروع دعم سينما الشباب الذي أطلقته المؤسسة العامة للسينما منذ أربع سنوات، هو لاكتشاف المواهب الجديدة الواعدة التي ما كان بالإمكان اكتشافها إلا بتكليفها بإخراج أفلام تحت مسمّى أفلام الهواة، وأكد أن هذا المشروع نتجت عنه مواهب تتطلع إليها حياتنا السينمائية وقد انتقل بعضها لمرحلة متقدمة، عندما أتيحت الفرصة للمتميز منها وممن نالوا جوائز في المهرجان إخراج أفلام احترافية ليكون الطموح فيما بعد إخراج فيلم روائي طويل، وبيّن أن الدورة الرابعة من المهرجان تحمل خصوصية في كونها أقيمت للمرة الأولى تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء، وهذا يعني أن الدولة تحتضن الشباب وتؤمن بأن الاستمرار والتطور لا يتحققان إلا بجيل شاب يرفد المواهب القديمة ويمدها بدم جديد..

من هنا صار المهرجان برأيه أكبر واستطاع أن يرسم ملامحه على أرض الواقع وهو سينطلق نحو أفق أكثر رحابة مع الوقت، ونوه  إلى أن الفيلم القصير له جمهور في جميع أنحاء العالم وله مهرجاناته الكثيرة وهو فن صعب للغاية وتأثيره أكبر من تأثير الأفلام الطويلة، لذلك يؤكد الأحمد على أن الفيلم القصير يجب أن يغدو ثقافة في سورية، والجميع ينتظر أن تصبح لدينا صالات مختصة بعرضه.. والهدف من المهرجان كما أشار الأحمد أن يكون نافذة يتم فتحها على أنداء أكثر اتساعاً، فيها قبول للفيلم القصير الذي أصبح له جمهوره ومهرجاناته، وهو فعل مقاوِم للموت والخراب ووقفة في وجه الفكر الظلامي الذي يسعى لجرِّنا إلى الوراء.

فرصة كبيرة

وتؤكد الفنانة نادين من خلال وجودها في عضوية لجنة التحكيم على أن الأمل كبير بطاقات الشباب لتطوير السينما السورية، وأشارت إلى أهمية وخطورة فن السينما القائم على الاختزال.. من هنا فإن الجهود المبذولة من قِبل مؤسسة السينما لدعم الشباب في تقديم أفلامهم الخاصة التي تختصر أفكارهم وأحلامهم وطموحاتهم، والمشروع الذي تقدمه المؤسسة –برأيها- يبين جدية المؤسسة في دعم الشباب وهو بمثابة فرصة كبيرة لإبراز ما يتمتعون من مواهب، داعيةً الشباب لتجاوز الأزمة في أفلامهم والتي أُشبِعت طرحاً من خلال الكثير من الأعمال، خاصة وأن الإنسان السوري استطاع تجاوزها والخروج منها، والبحث عن القصص الكثيرة المخفية لتناولها.

قرارات منصِفة

وتعبِّر الفنانة صفاء سلطان عن سعادتها الكبيرة جداً بمشاركتها في هذا المهرجان من خلال وجودها بلجنة التحكيم إلى جانب قامات فنية كبيرة، والسعادة الأكبر بالنسبة لها إقامة المهرجان في الوقت الحالي وضمن الظروف الحالية التي تعيشها سورية, فسورية يليق بها الفرح والسعادة، وحضنها يضم الجميع, ونوهت -وهي التي تنتمي لجيل الشباب- أنه يمكنها مشاهدة أشياء لا تراها عادة عين الآخر الأكبر سناً, وهو الأمر الذي سيساهم في النهاية في الوصول لقرارات منصِفة, متمنية أن تكون الأحكام قد أنصفت الأفلام المشاركة.

أفلام هامة

ويعتقد الفنان يوسف المقبل أن أهمية مشروع دعم سينما الشباب الذي ترعاه وزارة الثقافة تأتي من منحه للسينمائيين الشباب فرصة العمل في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في سورية، وأكد أن المهرجان وعبر دوراته الأربع أظهر للحياة السينمائية مجموعة من الأسماء التي قدمت بعض التجارب الهامة، ومن خلال متابعته لبعضها يبيّن أنها سلَّطت الضوء على بعض المخرجين الشباب القادرين على أن يرفدوا السينما السورية بأفلام هامة، ونجاح العديد منهم أغرى الكثير من الفنانين الكبار للمشاركة فيها رغبةً في دعم تجاربهم.

فرصة هامة للشباب

ويبيّن المخرج المهند حيدر أن المهرجان بدورته الرابعة منظَّم بشكل أفضل من سابقيه، سواء من حيث التنظيم أو على مستوى السوية الفنية للعروض، وأشار إلى مجموعة من التجارب لخريجي دبلوم العلوم السينمائية وفنونها, وقد كان المهرجان فرصةً هامة لهم ليخضعوا لرأي الجمهور والمنافسة مع مخرجين آخرين، ولا بدّ لهذه المنافسة من أن تفرز نتائج إيجابية وتساهم في تطوير تجارب الشباب بحد ذاتها, وهي فرصة هامة لأي مخرج شاب.

ويرى فراس محمد مخرج فيلم 45 والمشارك ضمن المسابقة الرسمية أن المهرجان أصبح فعالية فنية وثقافية غاية في الأهمية، وهو فرصة للاطلاع على ما أنتجه الشباب وهو منهم، ونوه إلى أنه عمل مع المخرج هيثم مسوح في الفيلم لكن انطباع شاشة السينما دائماً ما يأتي مختلفاً، حيث الانطباع يصل لكل الحضور بذات الكثافة, خاصة في عرض سينمائي أقرب إلى الاحترافية، وهنا تظهر أهمية العرض بحد ذاته, وأشارإلى أن تكريس هذا المهرجان للمرة الرابعة على التوالي رسَّخه في ذاكرة السينما السورية, فبات توقيته معلوماً لدى المهتمين بالشأن السينمائي، في الوقت الذي يتزايد عدد جمهوره دورةً بعد دورة، في حين يوضح المخرج وائل طه مخرج فيلم “ملامح” أن هذا الفيلم هو مشاركته الأولى كمخرج، ويعود الفضل لمؤسسة السينما التي أتاحت للشباب فرصة إنجاز وتقديم فيلم سينمائي عبر المشاركة الحيّة مع الجمهور، ونوه إلى أنه راضٍ عن فيلمه، وتمنى التوفيق للجميع.

وتتفق المخرجة فرح حافظ مع ما قيل حول الفرصة التي يقدمها المهرجان، حين فتحت المؤسسة بابها للشباب غير المحترف بالتكفّل بإنتاج أفلامهم والتي عادةً ما تكون العائق الأول أمام أي مخرج مبتدئ.

مهمة ليست سهلة

ويؤكد المخرج يزن أنزور مخرج فيلم “خبز” أنه من الأشخاص المعجبين بهذه التجربة, فالشباب بحاجة لها، وهي تجربة هامة سواء على صعيد الثقافة أو السينما والفن، وهي خطوة مهمة من المؤسسة العامة للسينما ووزارة الثقافة، أما عن فيلمه “خبز” فهو يروي حكاية شاب أصم يحب الخير للآخرين ومساعدتهم، وخاصة الأطفال، كما نشاهد كيف أثرت الأزمة على حياته وزادت من حدة معاناته, ورغم ذلك حاول أن يبقى إيجابياً.. كل ذلك قدمه أنزور من خلال التخطيط الجيد لتنفيذ ما أراده في وقت قصير، وأشار إلى أنه كمخرج يحرص على تقديم موضوعاته بطريقة بصرية لأن الصورة برأيه تختصر أشياء كثيرة لإيصال الهدف المنشود، ولا ينفي أن ذلك كان بمثابة تحدٍّ للممثلين والفنيين، وبيّن أن الفيلم القصير يغريه كثيراً لأنه يقوم على الاختزال والتكثيف، وهي مهمة ليست سهلة على المخرج. أما الفنان لجين إسماعيل الذي شارك في ثلاثة أفلام في المهرجان فهو سعيد جداً بهذه التجارب التي يؤمن بأهميتها، وتمنى من موقعه كممثل مزيداً من النجاح لهذا المهرجان.

أمينة عباس