ثقافة

لأول مرة.. مدرسة الباليه تنجز امتحاناتها أمام الجمهور

لم تكن الفرحة التي شعر بها الأهالي والطلاب خلال امتحانات مدرسة الباليه التابعة لمديرية المعاهد الموسيقية والباليه في وزارة الثقافة، والتي قدمت مؤخراً في قاعة المرايا في المعهد العالي للفنون المسرحية أمام جمهور كبير، إلّا مؤشراً حقيقياً على إصرار الإنسان السوري على الحياة وممارسة حياته بالشكل الذي يريده ويتمناه مهما كانت الظروف التي يعيشها صعبة، من هنا حضر هذه الامتحانات التي أقيمت لأول مرة بشكل مفتوح جمهور كبير من الأهالي، واكتظت قاعة المرايا بطلاب وأساتذة كانوا طيلة الفترة الماضية يحاربون على جبهة الوقت الضيق، حيث افتُتِح العام الدراسي في فترة متأخرة لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بعدم وجود أساتذة يدرِّسون في هذه المدرسة بسبب هجرة عدد كبير منهم.

طاقة إيجابية

وبدا مدير المعاهد الموسيقية والباليه محمد زغلول راضياً عن النتيجة التي تم التوصل إليها في مدرسة الباليه بعد صعوبات وعثرات مرت بها، وتوجه بالشكر للأساتذة الذين درّسوا في هذه المدرسة وهم: مها الأطرش- أنجيلا دبس- رأفت زهر الدين- لارا بخصار ومعتز ملاطيه لي مدير المدرسة، وقد استطاعوا خلال فترة قصيرة، وبالتنسيق مع مديرية المعاهد، الوصولَ إلى هذه النتيجة التي شاهدها الجميع، وأكد أن هذا الامتحان المفتوح يحدث لأول مرة على مستوى سورية والوطن العربي، وكان الهدف هو إعادة الثقة لطلاب المدرسة وللأهالي بعد فترة ركود نتيجة عدة صعوبات واجهتها المدرسة في ظل الحرب، وأوضح أن الاختصاصيين في مجال رقص الباليه بالأساس قلائل، وجاءت الحرب لتقلص هذا العدد أكثر بعد أن هاجر عدد كبير منهم، إلّا أن الدعم المطلق من قبل السيد وزير الثقافة، والإصرار على عدم التوقف، كان سبباً لإعادة إطلاق المدرسة من جديد، ونوّه إلى أن مديرية المعاهد الموسيقية والباليه كانت تطمح لإقامة هذا الامتحان على أحد المسارح إلّا أن ضيق الوقت نتيجة قرب امتحانات الطلاب المدرسية، وحرصاً على وقت الطلاب دفعا إلى التفكير بتقديم الامتحان بهذا الشكل الذي قُدم فيه، والذي ولّدَ طاقة إيجابية تجاه المدرسة التي يجب أن تستمر بالشكل الأنسب، ولتحقيق ذلك في العام القادم سيبدأ التحضير لها من خلال ورشة عمل ستقام خلال فصل الصيف.

إنجاز

وكمدير للمدرسة بيّن معتز ملاطيه لي أنه، وإن كان راضياً نوعاً ما عن الحفل الذي قدّم فيه الطلاب امتحاناتهم، إلّا أن طموحه كان أكبر من ذلك بكثير، لكن التأخير في العام الدراسي في مدرسة الباليه لعدم وجود مدرّسين حال دون تحقيق ذلك، فكان من الضروري بدايةً ألّا تتوقف هذه المدرسة بعد أن هاجر عدد كبير من خريجي قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية، فكانت الفكرة أن يقوم طلاب قسم الرقص بتدريس طلاب مدرسة الباليه بعد أن تم اختيار عدد من الطلاب الذين أمضوا سنوات طويلة في مدرسة الباليه قبل قسم الرقص.. من هنا تم تقسيم الطلاب وحسب سنوات دراستهم إلى مجموعات، بعضهم داوم في مدرسة الباليه (تحضيري- سنة أولى) في حين قام المعهد العالي للفنون المسرحية باستضافة دروس السنوات الأخرى ليتسنى لطلاب قسم الرقص تدريسهم في المعهد حرصاً على وقتهم وانشغالاتهم في القسم، وأشار إلى أن التحدي الأول كان إنهاء العام الدراسي بهذا الشكل الذي شاهده الجمهور بعد أن تم تدريس وتدريب الطلاب وإعادة الثقة إليهم وإلى إمكانياتهم، ونوّه ملاطيه لي إلى أن عدداً كبيراً من الطلاب التزم بدروسه، وهذا بحد ذاته إنجاز للمدرسة، وعبّر عن سعادته بأن المدرسة ختمت عامها بهذه الطريقة الجميلة، موضحاً أن ترتيبات أخرى سيتم بحثها وإقرارها في العام الدراسي القادم من خلال التأكيد على وجود منهج معين يتم الالتزام به حرصاً على تخريج طلاب بسوية فنية عالية المستوى.

أمر ضروري

وأكدت أنجيلا دبس، المدرّسة في مدرسة الباليه، أن الوصول إلى هذه المرحلة من خلال الامتحان النهائي لطلاب مدرسة الباليه كان أمراً ضرورياً للتأكيد على ضرورة استمرار المدرسة، وإعادة الثقة لطلابها وأهاليهم، ولم تخف دبس أن العام الدراسي في المدرسة كان قصيراً، وهذا ما حال دون زج الطلاب ضمن منهاج صعب نوعاً ما، فكانت الأولويات بالدرجة الأولى هي تدريب الطلاب على تمارين هم بالأصل يعرفونها، وذلك بهدف الحفاظ على مستوى الطلاب، ونوّهت إلى أن جمهوراً كبيراً حضر الامتحان، وهذا على غير العادة، حيث يتم السماح بالعادة للأهالي فقط بحضوره، وذلك كله بهدف أن يختبر الطلاب أنفسهم أمام هذا الجمهور، تعويضاً عن تقديم عروض أمام جمهور كبير جداً لكسر حاجز الخوف تدريجياً، ولوضع الطالب ضمن اختبار حقيقي على صعيد التعامل مع الجمهور دون توتر، وهذا لا يتم إلا بتعريض الطلاب لأكبر عدد ممكن من الجمهور.

وعن آلية تقييم الطلاب أشارت دبس إلى أن التقييم يتم وفق عدة معايير، منها تطور الطالب خلال الفترة الدراسية، ومدى إنجازه للمهام المطلوبة منه، وتطوره خلال التمارين، ونوّهت إلى وجود فوارق بين الطلاب سببها أن بعض الطلاب يحرقون مراحل بشكل أسرع لامتلاكهم أجساداً طيعة، والمطلوب برأيها خبراء في هذا المجال، بالإضافة إلى توفر الإمكانيات، وتغيير عقلية المجتمع التي تؤثر على فكرة الإيمان بهذا الفن.

اختبار حقيقي

كما أوضح الأستاذ رأفت زهر الدين أن الامتحان بهذا الشكل اختبار حقيقي للطالب، يكتشف من خلاله أموراً كثيرة، وهي فرصة له ليتلمس فيها قدرته على مواجهة الجمهور، والتعامل معه ومع ردود أفعاله بالشكل الأمثل، إلى جانب تعزيز ثقته بنفسه في هذه المرحلة المبكرة، وهي مرحلة التأسيس، وهي من المراحل الصعبة التي يمر بها الطالب على صعيد تفهّم جسده، وطريقة التعامل معه، وعبّر زهر الدين عن سعادته بأنه مع زملائه استطاعوا وخلال فترة قصيرة تحقيق إنجاز، وأشار إلى ضرورة تغيير طريقة التدريس لإغناء ثقافة الطلاب بفن الرقص عبر تقديم محاضرات نظرية يتم من خلالها تعريف الطلاب بهذا الفن وتاريخه وأهميته، إلى جانب عرض فيديوهات يتم من خلالها تعريف الطلاب بالمراحل التي مر بها هذا الفن، وأهم العروض العالمية، ليكتشف الطالب متعة هذا الفن تدريجياً، خاصة أن طلابنا يفتقدون إلى هذه الثقافة.

راضية

لا تكون امتحانات قسم الرقص بهذه الطريقة عادة، وغالباً ما تكون كاملة، كما أشارت المدرّسة في مدرسة الباليه لارا بخصار، إلا أن الظروف التي عانت منها مدرسة الباليه هي التي حالت دون تقديم حفل فني كامل على أحد المسارح، ومع هذا لم تنكر أنها راضية على صعيد أداء الطلاب، وإن كانت تطمح للأفضل، متمنية أن تكون الظروف أفضل في العام الدراسي القادم، والعمل على حل مشاكل وثغرات تم تلمسها هذا العام.

وتم الامتحان بإشراف لجنة الامتحان، ومدرّبي المدرسة الأساتذة: معتز ملاطيه لي، حور ملص، نغم معلا، مها الأطرش، لارا بخصار، رأفت زهر الدين، أنجيلا الدبس.

أمينة عباس