محسن عباس: الجيل المسرحي الشاب مشوَّش

يستعد الفنان محسن عباس ليكون أحد مسافري الحرب في فيلم المخرج جود سعيد الجديد “مسافرو الحرب” الذي بدأ تصويره منذ أيام، وبيّن عباس أنه يعتز بتجاربه السينمائية التي جمعته مع المخرج جود سعيد الذي كان أول من أيقظ في داخله أموراً كثيرة لم يكن مدركاً لأهميتها على صعيد العمل في السينما، وكانت حصيلة لقائهما فيلم “بانتظار الخريف” الذي كان التجربة الأولى التي كان ينتظرها بفارغ الصبر بعد تجربة سينمائية سابقة له مع أحد المخرجين لم يحبها، فتحمس لفيلم “بانتظار الخريف” خاصةً وأن مخرجاً شاباً كجود سعيد هو الذي يقوم بإخراجه بعد مجموعة من الأفلام الناجحة، وقد جسد عباس في فيلم “بانتظار الخريف” شخصية أبو نبال الرجل الصامت الذي يلجأ إلى القرية التي تدور فيها الأحداث بعد فصله من العمل نتيجة رفضه للرشوة.

مطر حمص
أما التجربة الثانية للفنان محسن عباس مع جود سعيد فكانت من خلال فيلم “مطر حمص” حين جسَّد شخصية جنرال متقاعد غريب الأطوار كان قد شارك في حرب تشرين التحريرية ورفض الخروج من بيته، وسلَّح بناته لدى قدوم المسلحين إلى حيّه انطلاقاً من إيمانه أن الواحد منا يجب أن يموت دفاعاً عن بيته بدلاً من أن يتركه، منوهاً إلى أنه لم يتقصد الكوميديا التي رآها البعض في تجسيده لهذه الشخصية التي أعجبت الجمهور، مشيراً كذلك إلى تجربته مع أفلام سينما الشباب من خلال فيلم “في إطار فيلم” الذي نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة وهو من إخراج الشابين مجد الزغير وتوليب الزغبي، كما يبدو عباس سعيداً أيضاً بدعوة المخرج باسل الخطيب له ليكون مشاركاً في فيلمه الجديد “النجاة” من خلال شخصية جمال الرجل الأخرس الذي استقر به المقام في إحدى القرى والذي يكون وراء كل مشاكل القرية، منوهاً عباس كذلك إلى تجربته السينمائية مع المخرج الفرنسي البلجيكي فيليب فالويه عبر فيلم تدور أحداثه في دمشق، حيث يرصد الحياة اليومية لعائلة تعيش في إحدى المناطق الساخنة، مبيناً أن الفيلم عُرِض في برلين ونال جائزة الجمهور، كما بيع لنحو 21 دولة.

أشكال مسرحية لا مبرر لها
ويرى الفنان المسرحي محسن عباس أن الجيل المسرحي الشاب مشوش الأفكار في المسرح بحكم الأزمة وتسارع الأحداث وتراجع الفعل الثقافي، موضحاً أن الشباب يتخبطون اليوم في إشكالية شكل العرض المسرحي، ولذلك قدموا تجارب وأشكال مسرحية لا مبرر لها، مع اعترافه بحق الشباب في التجريب، وهي محاولات مشروعة ستثمر –برأيه- في نهاية المطاف، لأن معظم الشباب اليوم يمتلكون ثقافة واسعة، وهم دارسون وأكاديميون ويملكون نظرة خاصة نحو المستقبل، والأزمة الكبيرة التي نعيشها في سورية منحتهم خبرة طويلة في الحياة، إلا أن أكبر مطب يقعون فيه –برأيه- يتعلق باختياراتهم للنصوص المسرحية.
وعن رأيه بالمسرح الذي تناول الأزمة السورية يشير إلى إعجابه الشديد بعرض “اختطاف” للمخرج أيمن زيدان، وهو مع هذه النوعية من العروض التي تقودها شخصية فنية لها باع طويل في المسرح، وتعرف ماذا وكيف يقدَّم عرض مسرحي اليوم، والدليل أن المسرحية أحدثت ضجة كبيرة، مع تقديره واحترامه للتجارب الأخرى التي افتقدت لعنصر الفرجة الذي يجعل الجمهور مقبلاً على المسرح ومستمتعاً بعروضه.
ويأسف عباس لغياب مسارح عديدة كانت رديفاً لما يقدمه المسرح القومي كمسرح الشبيبة والجامعة، في الوقت الذي لم يبق فيه اليوم إلا المسرح الرسمي وهو الجهة الوحيدة التي تنتج مسرحاً، وهو مسرح يحتاج لتجديد قوانينه ورفع أجوره التي جعلت الممثلين يهربون منه باتجاه التلفزيون والسينما، فالمخرجون فيه يعملون اليوم ضمن إمكانيات متواضعة، مذكِّراً عباس بأهمية مشروع منح الشباب في المسرح، مؤكداً أن النتائج هي التي ستحكم على نجاحه.

ممثل فمخرج
بدأ الفنان محسن عباس مسيرته الفنية من خلال فرقة شبيبة الثورة في مدينة حلب في سبعينيات القرن الماضي، وكان ضمن فرقة محمد دروبي التي شاركت أعمالها ضمن مهرجانات كانت تقيمها وزارة الثقافة، وفي الثمانينيات انتقل إلى طرطوس وعمل في المسرح القومي ومسرح الشبيبة هناك، موضحاً أن أغلب أعماله في طرطوس قدمها مع الفنان رضوان جاموس الذي استفاد منه كثيراً على الصعيد الثقافي والمسرحي، ومن أعماله التي قدمها كمخرج من خلال مسرح الشبيبة: “القرى تصعد إلى القمر” لفرحان بلبل والتي حصلت على جائزة أفضل إخراج وأفضل عرض، كما قدم مسرحيتي “حكي السرايا” و”حكايا الملوك” لممدوح عدوان لتكون مسرحية “كلب الآغا” التي شاركت في مهرجان الشباب ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة وحصل حينها على جائزة أفضل إخراج، وكان هذا العمل آخر عمل يقدمه كمخرج مسرحي، مع إشارته إلى أنه لا يريد ترك المسرح، وهو بانتظار فرصة مناسبة تحرّضه على العودة، مبيناً أنه لم يقدم على تجربة الإخراج في المسرح إلا بعد أن أصبح متمكناً من أدواته، وهو حتى الآن لا يعدّ نفسه مخرجاً مسرحياً بل شخص جرَّب الإخراج لأنه يميل بالدرجة الأولى إلى التمثيل، منوهاً إلى أن الإخراج عمل ليس سهلاً، ومسؤولية كبيرة في أن يكون للمخرج قدرة على توصيل العرض لبرِّ الأمان .
وعن خصوصية الأعمال المسرحية التي قدمها كمخرج يبيّن عباس أنه كان يميل إلى ما يسمى بالمسرح الفقير الذي يعتمد اعتماداً كلياً على الممثل حرصاً على عدم إرباك الممثل الهاوي بالعناصر الفنية الأخرى في العرض المسرحي، إلى جانب ميله لما يسمى بالمسرح الشعبي الذي يعتمد على الفرجة بعيداً عن التنظير، موضحاً أنه يميل للتجريب باتجاه تبسيط العرض المسرحي.

“زبيب” دمشق
وعن تجربته في مسرحية “زبيب” إخراج نسرين فندي يشير عباس إلى أنه كان سعيداً بهذه التجربة التي أطل من خلالها لأول مرة على جمهور دمشق المسرحي، ولا ينفي أن لقاءه مع جمهور دمشق كان يشغله كثيراً، وكان يتملكه الخوف، خاصة وأن دمشق تعجُّ بالممثلين المسرحيين، إلا أنه كان سعيداً بردود الأفعال التي سمعها من قبل الجمهور.. ويعترف عباس أنه اليوم يحلم كمخرج بمسرحة نص لوركا “فالنتين” الذي يجد فيه كلما قرأه شيئاً جديداً.
في جعبة عباس عدة أعمال تلفزيونية نذكر منها: “الثريا– أخوة التراب– ليل المسافرين– الأرواح المهاجرة– طوق البنات- أحمر” معترفاً أن حضوره في الدراما التلفزيونية ما زال بسيطاً ومتواضعاً، والسبب برأيه إقامته بعيداً عن دمشق.

أمينة عباس