ثقافة

لا شيء يشبه الحنين..!!

بعد زمن من اللامبالاة جمعت قواها بيديها وهي قابضة على جمر الحنين.. لملمت هباء روحها المنثور بعزم فراشة رأت النور من بعيد.. فكرت أن تأخذ بعين الرحمة طلب صداقة ذاتها المهمل منذ الزمن اللئيم.. حيث قررت أن تبقى تحف الإبريق حتى آخر مارد في هذا العالم التعس.. وعدت نفسها أن لا تجلد أعصابها باستفسارات منتهية صلاحيتها.. فما أفسد بروحها وقلبها لن تصلحه حمرة شفاه أو سواد ذاك الميل..

هي تعلم جيدا كيف يجبر الليل بخاطر القلوب المكسورة.. وهي الشاهدة الوحيدة على تسلم الفجر زمام الضوء وتعاقب الليل والنهار بلا رحمة، واغتسال الزهر بالندى كل صباح أمامها بلا خجل.. ولكن أكثر ما تجهله هو كيف ولماذا يطل من نافذته الزرقاء بعد قطيعة لا رجعة فيها كما وعد ليسألها بقلب ذابل.. هل أنت بخير؟!

هي تشبه كثيرا هذا الدرب، كلاهما مزدحم بخطوات العابرين ولكن هي فقط لا وجهة لها! أخبرتني بأنها ستغلق الحاضر ولن تعود للماضي، فهي الآن بأي زمن لا تعلم ولا تريد أن تعلم، فليس مهماً أن  تكون خارج الزمن، المهم أن تُخرج الزمن منك.. من روحك.. أن تبلل قلبك دائما بماء اللا انتظار.. إنه شعور لطيف جداً كحالة انعدام الوزن تماماً.. كالشقلبة في الهواء.. رأسك مكان قدميك.. لا يهم أيضاً فأنت متحرر تماماً من يديك.. الأشياء ترى بوضوح من الأعلى.. التفكير شيء ممل والعقل بالنسبة لأمثالها عبء كبير..

لا تجيد الفرح لكنها تشتهيه.. أيعقل أن تكون أوراقها هرمت فلا يزورها سوى الخريف.. تعرف الحزن من رائحته.. تعرفه قبل أن يأتي.. ما إن يلوح من بعيد، فعيونها تعرف طعمه المالح جيداً..

على باب عقلها آلاف القتلى من الأفكار تقتلهم بدم بارد لتنام وتستريح.. ليس لديها أمل بالجنة، ولا تخاف الجحيم، تريد أن تكون حرة وحسب، من رأسها لأخمص قدميها.. فأي سذاجة، وأي دهاء وأي رياء..!

يا للخجل.. هل سنبقى سكارى في حانات الأمل أو في أقبية الخوف.. لا يعنيها العلاج، فهي تتعلم من جراحها.. كل طعنة محمّلة برحلة عمر جديد.. تشبه كثيراً دودة الحرير، فهي طموحة بطريقة مذهلة، مع أن إمكانية موتها على مرمى قدم فقط.. الفن بالنسبة لها ليس غاية.. هو استراحة قصيرة في معركة الحياة تلك، فأجمل ما في الفن أنه يغطي الحقيقة الرهيبة بصورة جميلة.

بساطة حياتها جعلت أقرب الأصدقاء لها يعتبروها معقدة بشكل خطير.. فمنظر النجوم في السماء كان ومازال من أهم المشاهد التي تثيرها وتجعل الألم يغزو قلبها. تسألني.. كيف لي أن أجعل من بياض قلبي ولباقة حياتي أمراً طبيعياً مغفوراً له حيث لا يعاقب عليه القانون..!.

هي ليست قوية، حيث تأتيها الكآبة واليأس في صرر ملفوفة، في سلال تأتيها مع هبوب كل ريح سوداء هاربة من مطرح لمطرح..

يا الله ما هم فاعلون بكل هذا الفرح الزائد  تسألني.. حقاً ما هم فاعلون..؟! فأنا لا أجد ابتسامة واحدة ارتق بها ثقوب وجهي فبت اخجل إذا ما نظر إليّ طفل يبحث عن فرح في هذا العالم المخيف.. في مثل هذا الصباح المحشو بالكثير الكثير من العصافير!.

لينا أحمد نبيعة