ثقافة

بشار سليمان.. بقلم الحب غير الناشف

ربما يتساءل بعض القراء لماذا اخترت هذا العنوان..؟
حزمة معطيات حسية أدركتها عين الفنان السوري المبدع بشار مالك سليمان..! قرأ المجال من أوسع أبوابه، فكانت الحالة الميتافيزيقية هي الأقرب إلى مساحاته البيضاء، إذ أمعن في الدلالات واستنبط العمق في محاولة استقرائية لما بعد الانفعال. مسارات متعددة الوجوه تلاها الفنان واحدة تلو الأخرى.. وكل هذا دليل حي على انعكاس البحر بكل تجلياته من مد وجزر وعمق ورائحة المكان على شخوص الفنان بشار.
إذن هي المضامين الحسّية والتكوين الفني الحامل للأطر التشكيلية..!
في وجوه الفنان المدروسة بعناية، تشكيل بليغ لعصب النص الفني.. إذ يجلس على ناصية التأمل، ويرى بعين ثالثة، وهو ما يشي بقدوم حالة إبداعية متفردة تأسيسية ترسم شأناً عالياً في القادمات من الأيام.
ينحت الانفعال  بدأب، مستعيناً بدم وريده الذي ميّز أعماله عن غيره دون محاباة..! تدهشك اللقطة البارعة، وتجعل القارئ يقف متأملاً غارقاً في سراديب الحكاية لتفاصيل يتعامل معها بلغة شجاعة.
وجوه متعددة بقلم الحبر الناشف.. وكأن الفنان أراد أن يطبّق المقولة: “الأسلوب هو لباس الفكر”.
ومن هنا، تتوالد الأطياف في رحلة البوح على المساحات البيضاء ضمن مسارين: روحي ومادي. فكلا المسارين يأخذان المتابع إلى بناء شكلي متين ممتع في وحدة نصية خالصة.
“الفن يشير إلى تحرر الإنسان في ساعات إبداعه ليعطي مذاق الحرية للآخرين إلى الأبد”.. هي مقولة واضحة المعالم والدلالات، وتمثّل ثيمة موضوعية مليئة بالدفقات الإنسانية.
يشتغل الفنان بشار على تجيير القلم الناشف بما يخدم الغرض في إيصال الدلالة الفنية إلى هدفها، وهي حالة تجريبية صعبة في مواجهة حقيقية مع الذات وتطويع الأداة.
في لوحات بشار سليمان، توثيق لوجوه أخذت مجدها في خلق اللحظة، تعامل معها بلغة شجاعة لتخليدها ورسم ملامحها الإشراقية.
بريق يمتد إلى فضاءات الدهشة، ترافقه التقاسيم لدرجة ينصهر فيها اللون الواحد مع أصابع اليد، فنلاحظ الامتداد الآسر للفنان والعمل معاً، أو بمعنى آخر، وصولاً إلى التجانس الكامل استناداً إلى إثبات روحية الفنان وتجسيدها وتنويرنا كمنهج جديد يعيد فتح الأبواب المغلقة.
تتميز أعمال الفنان بشار عن غيرها في استفزاز الوجوه لدرجة أنّ المسامات تكاد تنطق في إيقاعات وتدرجات اللون الواحد، حيث يحرص على انتقاء الوجوه ضمن سياق نفسي ومسار ضمني يربط الإرادة  بنبض متوالد إحيائي يعيد ألق البورتريه الغائب عن أقلام الكثيرين.
“الفن الجيد ليس ما يبدو في ظاهره، بل ما يفعله في حياتنا”. هي مقولة تأثير لمنجز في حقول التنوع، أو ربما كان الهم الفني لدى الفنان تصريحاً استنباطياً للذات التي تثير آلاف الأسئلة.
بقلم الحبر الناشف.. وجوه مليئة بالأجوبة لأسئلة تقض مضاجع المغامرة والأثواب الفنية الجديدة بكل ذرائعيتها.
تشي وجوه الفنان بقصص وجدانية ينكب على تقاطيعها بكثافة العارف ويراهن على تفجير السكون في توليف وبيان واضحين.
البعث