ثقافة

سنة أولى زواج

لا تخلو –عادةً- الوجبة الدرامية التلفزيونية الرمضانية من الأعمال الكوميدية التي وإن تراجعت كمّاً في السنوات الأخيرة إلا أنها بقيت متواجدة وبقوة على الشاشات العربية، وباعتبار أن الدراما التلفزيونية السورية كانت رائدة الدراما العربية في مجال أعمال الكوميديا كان من الطبيعيّ أن يتسيد هذا النوع من الدراما السورية الشاشات العربية من خلال سلسلة من الأعمال الكوميدية التي استحوذت على انتباه وإعجاب الجمهور العربي.
والواقع أن السنوات الأخيرة شهدت أنماطاً من هذا النوع من الدراما تراوحت ما بين الكوميديا التي يطلق البعض عليها صفة التهريج والمتمثلة بأعمال تعتمد على المبالغة في الحركة والأداء، أو الاعتماد الكليّ على النكتة المباشرة بعيداً عن العمل على الموقف والحبكة الدرامية من جهة، والكوميديا الخفيفة الراقية التي تنبع الطرافة فيها من طبيعة العلاقات الساخرة بين الشخصيات، والتي تتمكن فيها من تحويل المواقف الصعبة إلى مواقف ترسم البسمة على شفاه المشاهدين دون ضرورة إلى اللجوء إلى الشكل الفاقع والمباشر من الأداء.
والواقع أن ثمة أمثلة عديدة وجدت طريقها إلى قلوب المشاهدين في السنوات الأخيرة، منها ما يتابعه الجمهور اليوم كمسلسل “سنة أولى زواج” الذي كتبه نعيم الحمصي وأخرجه يمان إبراهيم، وهو مسلسل يحكي عن أسرة ناشئة مكوَّنة من شاب وزوجته في سنة زواجهما الأولى، ويرصد مجموعة من المفارقات والأحداث المرتبطة بعلاقاتهما مع الجوار والمحيط، ويقدم العمل من خلال القضايا التي يطرحها مجموعة الحكايات البسيطة في شكلها والعميقة في معانيها وتقاطعاتها مع الكثير مما يشغل الفعالية الاجتماعية المعاصرة من مشاغل أغلبها اقتصادي الطابع لكنها في أبعادها تمتد لتشمل مناحٍ خارج الإطار الاقتصادي التقليدي.
ومما يُحسَب للمسلسل ابتعاده عن التطرق لقضايا مرتبطة مباشرة بواقع الحرب على سورية، آخذاً على عاتقه الدفاع عن نظرية أن محاولة معالجة قضايا معاصرة وملحّة ليس بالضرورة أن يكون عبر طرح قضايا الحرب والأزمات المرتبطة بها مباشرة، إذ يكفي –حسب وجهة نظر المسلسل- طرح قضايا أكثر شمولية وعمومية حتى نكون محيطين بواقع محدد وبنفس الوقت الخروج عنه باتجاه طروحات أكثر تعميماً، وهي وجهة نظر تجد الكثيرين ممن يؤيدونها اليوم، خاصة بعد أن أخفقت بعض الأعمال المرتبطة مباشرة بموضوعة الحرب في نيل ثقة وتجاوب الجمهور.
أمينة عباس