ثقافة

البطلـــــــــة

جمان بركات

حافظت شارات الأعمال الدرامية كعادتها على مرتبتها لتكون جزءاً لا يتجزأ من الدراما، وقد استطاعت العديد من المقطوعات أن تؤثر على المتلقي، وتدخل ذاكرته لتحتل حيزاً منها، وأكبر دليل هي المكانة التي مازالت تحتفظ بها -رغم مرور عام كامل- شارة مسلسل “الندم” (تأليف حسن سامي يوسف /إخراج الليث حجو) “قلبي عليك”، هذه الأغنية التي سحرت القلوب بموسيقاها وكلماتها وبقيت عالقة في الذاكرة، فقد نجح إياد الريماوي في إعطاء الانطباع الأول عن مضمون المسلسل. وفي الموسم الرمضاني لهذا العام انجذب عدد من الفنانين لغناء الشارات إيماناً منهم بأهمية الأغنية التي تعتبر اليوم بمثابة أحد أبطال العمل، فهي تنطلق من تفاصيل العمل الدقيقة وتعايش حيثياته من حيث الكلمات والموسيقى، فنرى لكل مؤلف موسيقي بصمته الخاصة في هذه الشارات التلفزيونية التي تعكس الحالة الإنسانية بصدق، حتى أنها تلعب دوراً مهماً في التأثير كما الصورة تماماً، ولطالما كانت هذه الموسيقى لها سحرها ووقعها الخاص داخل النفوس وأصبحت أحد العناصر الأساسية في صناعة العمل الفني الدرامي.
في الواقع، تمر الشارة بعدة مراحل إلى أن تكتمل، فبعد قراءة النص يبدأ تحديد نوع الموسيقى ليخرج بكلمات تمثل روح العمل وتمهد له، فيعمل الموسيقيون عموماً على الإلمام بكافة التفاصيل المتعلقة بالفكرة ومحاورها من كل الاتجاهات، وفي نهاية الأمر يضع المطرب بصمته الخاصة على “تتر” العمل الدرامي ويطبعها بروح إنسانية مازجاً فيها بين الحب والفرح والألم والحزن.
في هذا العام، لم يقتصر الصراع والمنافسة في دراما شهر رمضان بين الفنانين وما يقدموه من أعمال وشخصيات، وبين المسلسلات وما تحويه من أفكار ومحتوى جديدين ومختلفين، وأيضاً بين المخرجين والمنتجين الذين يريدون إظهار أعمالهم بأبهى حلة وصورة حتى ينال مسلسلهم الإشادات المطلوبة ويحظى بأعلى نسب للمشاهدة، إنما وصلت أيضاً المنافسة بين «تترات» المسلسلات، التي يؤديها المطربون والمطربات الذين يولون اهتماماً لوجودهم في شهر رمضان من خلال شارات المقدمة والنهاية للمسلسلات التي يتم عرضها، وقد ترسخ هذا التقليد أكثر واستقطب نجوم الغناء مثل ميادة بسيليس وناصيف زيتون ونوال الزغبي وغيرهم..، والحق يقال أن كل أغنية قُدمت حققت نجاحاً كبيراً فهي لم تقتصر وترتبط فقط بالعمل، وإنما منذ لحظة انتهاء الموسم الرمضاني وإعلان الحلقة الأخيرة من المسلسل تخرج الأغنية من قوقعتها الدرامية لتصبح أغنية منفصلة تماماً كاللحظة التي يطلق بها أي مطرب أغنية “سنغل” خارجة عن ألبوم، تصدح الأغنية في جميع الأرجاء وتنتشر على صفحات الفيس بوك ويرددها الجميع، وفي النهاية لا يمكن إلا الاعتراف بأهمية شارة المسلسل التي تصاحب أحداث الأعمال الدرامية فهي ركن أساسي في العمل ويمكن تسميتها بـ”البطلة”.