ثقافة

نهايات موجعة.. وواقع مؤلم

يضع مسلسل “شوق” بنهاياته الموجعة المستمدة من الواقع حداً لكل الأقاويل التي طالت الدراما السورية في موسم 2017، ولكل ما تعرضت له من تجريح ونقد سلبي، ولكل الآراء التي كانت ضد تناول الدراما السورية العمليات الإرهابية على الأرض السورية، وما يتبعها من سلوكيات داعش وما يحدث في معسكراتها.
ولا يختلف اثنان على أن الدراما السورية أدت دوراً إيجابياً وفعّالاً في تعرية حقيقة الفكر الظلامي لتنظيم داعش، وشدّت انتباه المشاهدين بقسوة المشاهد التي صوّرت الأحداث المتأججة التي يتبناها التنظيم، فلامست أوجاع الناس وجسدت معاناتهم بصور شتى.
النهايات الموجعة في شوق ضمن خطوط الحبكة المحكمة، والتي لم تعد قابلة للتأويلات والتحليلات، إذ أخذت طابع المباشرة في تصوير الواقع، لاسيما شخصية وائل- باسم ياخور– الذي دخل إلى التنظيم الإرهابي ليبحث عن روز المخطوفة وعاش ما لا يحتمل من ألوان التعذيب، وقضيته لم تعد قضية البحث عن روز، بل  أصبح يعيش من أجل الدفاع عن آلاف المخطوفين ويتكلم عن وجعهم، لتبقى يده المصابة شاهداً على قسوة الإرهابيين الذين باعوا أنفسهم قبل أن يبيعوا انتماءَهم ووجودهم.
واللقاء المباشر لعرّابة الدراما السورية منى واصف ابنها وائل في منطقة فاصلة بين الخير والشر أثناء تبادل المخطوفين، وصرختها لاسمه وهي تضمه تعبّر عن ألم كل أم مفجوعة بغياب ابنها تعيش الانتظار على أمل إعادة المخطوفين، في الوقت الذي بقيت فيه روز –سوزان نجم الدين- التي لم تستسلم وقاومت بطرق متعددة منذ بداية اختطاقها لتطعن بالسكين الداعشي” أبو مصعب” وتنجو من براثن الموت ومن المصير الأسود الذي ينتظر المخطوفات، إلا أنها وقعت من جديد في شبكة الإرهابيين ومضت عنوة مع حافلة السبايا لتكون رمزاً للمقاومة.
النهايات الموجعة التي طالت سحر وأمها وروز وسلام التي قُطع رأسها على مرأى من الجميع في الساحة على صوت التكبير بعد أن انتهت رغبة الأمير فيها، فأمر بإقامة الحدّ عليها وتنفيذ الحكم بقوله “الإسلام طاعة عمياء” متناسياً أن كل ما يفعلونه بعيد عن الإسلام. تلك المشاهد القاسية للقتل والاغتصاب والتعذيب لم تكن أقل قسوة من آلام الفقد التدريجي الذي عاشته شوق- نسرين طافش- برمزية إلى كل الأشياء الجميلة التي فقدناها في سنوات الحرب، لتبقى طفلتها شام هي الأمل في الأيام القادمة التي نحلم بأن تعيدنا إلى ذكريات الماضي، إلى واقعنا الحقيقي بعيداً عن الحرب التي تقضي على الحجر والإنسان.
“شوق” فتح الباب لتساؤلات كثيرة ليس في مواجهة الأحداث فقط، وإنما في مواجهة الأشخاص الذين يضعون أقنعة يخفون خلفها طعنات الغدر بأبناء وطنهم كشخصية جمال –أحمد الأحمد- الذي كشفت حقيقته في نهاية العمل وغادر إلى تركيا ليشارك بعمليات الاتجار بالبشر والسلاح. ويبقى السؤال قائماً: ما دور الدراما إذا لم تنقل صورة حقيقية عن الواقع..؟.
ملده شويكاني