ثقافة

“حبق” في صالة ألف نون

أكسم طلاع

يخطر في البال فور سماع كلمة حبق, تلك الأصص الموزعة في البيوت وعلى الشرفات، وتلك النبتة الخضراء الرقيقة, تجاورنا بحواس العائلة والماء والمحبة, وتذكرنا بالأمهات المطرزات بالعناية والعذوبة, “حبق” يعني للسوريين كثيرا، ربما ألفة الحبق من حميمية المكان وأهله.

هكذا كانت التيمة التي اختارها الفنان بديع جحجاح للمعرض الجديد في صالة ألف نون  للفنون الجميلة، حيث الافتتاح المختلف عن العادة، فقد حضر الفن والفنانون وكان الحبق سيد المكان، بتلك الرمزية والوظيفة التي اختارها المبدعون السوريون كجسر للتواصل بين حب وحق، وفي قلب دمشق الجديرة بالحياة والحب. 43 فناناً تشكيلياً سورياً من مختلف المحافظات السورية يقيمون معرضهم الجديد “حبق” هي رسالة إلى العالم بأن السوري مبدع ومحب ومنتصر، وينتج الجمال ويوزعه حبقا وفرحا متجاوزا جروح الحرب وويلاتها، مؤكدا أن الحياة في سورية عصية أمام البشاعة والقتل والدمار، وستبقى هذه البلاد سيدة الحبق والحب والسلام، وستبقى الولادة للفن والجمال.

النحت ذلك الفن العظيم له حصة لائقة في المعرض فمن المشاركين: أكسم السلوم- حسام نصرة- رامي وقاف- عفيف آغا- غازي عانا- غزوان علاف- فارتيكس بارسوميان- فؤاد أبو عساف- عيسى سلامة والنحات هشام الغدو، فيما حضرت أسماء مهمة في التشكيل السوري ومن أجيال مختلفة: أنور الرحبي- نبيل السمان- إسماعيل نصرة- عبد الحميد فياض والفنان الحروفي وليد الآغا- موفق مخول وغيرهم.

هذه التظاهرة الفنية التي لاقت استحسان محبي الفن التشكيلي ومتابعيه، حققت القيمة الفنية العالية، مثلما حققت غايتها الإنسانية المعلنة كأحد الملتقيات الاجتماعية التي تعنى بالتواصل المؤثر بين الفنانين أنفسهم أولا، وبين الفنان والجمهور، وجعل الفن أداة تأثير موجهة نحو غايات نبيلة ترمم بعض ما هو منقطع بين العامة من المتلقين وبين الفنون الجميلة حسب الرأي القائل: “الهوة بين الفن التشكيلي والجمهور واسعة، وأن الفن التشكيلي نخبوي بالضرورة”. إلا أن الفعل الذي حققه معرض ألف نون الأخير من خلال مساحة التأثير الواسعة، والتي تجلت فيها روح المبادرة جعل من الجمهور شريكا ومعنيا في تعزيز مناخ “حبق” الذي تحتاجه النفوس الجميلة. فطوبى لزارعي الحبق وطوبى للقلوب العامرة بحب هذه البلاد.