ثقافة

“حيرتونا “…

لوردا فوزي

لم يمض شهر واحد على نشر دراسة علمية تتحدث عن فوائد القهوة وتقول أنها تساعد على الحد من الاكتئاب، حتى ظهرت دراسة أخرى تنفي نتائج الأولى وتحذر من الشرب الزائد للقهوة، وفي العموم لا يمر شهراً كاملاً بدون أن تقدم نتائج أبحاث جديدة حول القهوة التي هناك من يعتبرها مشروباً صحياً بينما يرى فيها البعض تهديداً للصحة، كذلك يختلف الباحثون حول (الشوكولاته) فمنهم من يعتبرها مضاداً للأكسدة وطريقاً للسعادة بينما يؤكد القسم الآخر أنها إحدى أكبر مسببات السمنة.

في الحقيقة القهوة والشوكولاته ليستا الوحيدتان اللتان تختلف الأبحاث حول التوصل إلى حقائق حولهما، فالدراسات والأبحاث المتناقضة فيما بينها لا تقف عند حدود  القهوة والشوكولاته، بل يظهر التناقض كذلك حول بعض الأطعمة الضرورية وحول الأمور الطبية والوقاية والعلاج من بعض الأمراض وهذا أمر لا يمكن الاستهانة به، حيث من الممكن أن تصدر إحدى النتائج التي توصلت إليها دراسة حول مرض معين لتعود في اليوم التالي وتصدر دراسة تؤكد النقيض تماماً، مما يسبب الإرباك والتشويش لشخص يقوم بعمل (تحديث) دائم لمعلوماته، وقد تصل الأمور به إلى حالة الشك وفقدان المصداقية بدراسات  لا تتروى في إصدار نتائج  المفروض أنها دقيقة، وكذلك يبدأ بعض الأشخاص بالاستخفاف بتلك الدراسات التي لا يبدو أنها تملك رأياً ثابتاً ولا تستطيع أن تحط رحالها في مكان محدد، وفي المقلب الآخر قد يطّلع أحدهم على دراسة ما ويتوقف بعدها عن المتابعة فيعتمد ما توصلت إليه منهاجاً لحياته الصحية على الرغم من أن دراسة أخرى صدرت بعدها وألغت نتائجها، مما يضعنا أمام سؤال ملح وهو ما هي الطريقة المثلى للتعاطي مع تلك الدراسات التي احتارت وحيرتنا معها؟

بعد كل هذا التباين والتخبط في الدراسات والذي لم يعد يخفى على أحد، ضرورة عدم التسرع في تصديقها، واللجوء عند اللزوم إلى أطباء مختصين ومراجع علمية موثوقة وليس مجرد صفحات على الانترنت، لذا نرى أن معظم “العقلاء” لم تعد تقنعهم هذه الدراسات وتوقفوا عن متابعتها وقراءتها واعتمدوا على تجاربهم الشخصية مع الأمور التي لم تلاق لها حتى الدراسات جواباً واضحاً، وهذا ما يثبته يوماً بعد يوم عشاق القهوة الذين لن تمنعهم أي دراسة تقول أنها “مشروب غير صحي” عن ارتشاف قهوة الصباح في “ركوة” تتسع لأكثر من فنجانين.