ثقافة

الأغنية والدراما

أمينة عباس

منذ الإرهاصات الأولى للدراما التلفزيونية العربية شكّل العنصر الغنائي ركناً أساسياً من أركان هذه الدراما، فبالإضافة إلى كونها شكَّلت مفتاحاً للعمل من خلال شارة المسلسل التلفزيوني قامت أيضاً– وإن بشكل محدود- بدور درامي ضمن أحداث العمل بحدِّ ذاته من خلال فواصل غنائية مهمتها التعليق على الحدث الدرامي ومساعدة المتلقي في فهم أكبر للشخصية وما يمور بداخلها من هواجس وانفعالات قامت الأغنية بدور المترجم لها، لا لعجز الصياغة الدرامية عن إيصال هذه الهواجس والانفعالات، بل لكون الأغنية تمتلك من الوسائل ما يؤهلها لأن تقوم بدور موازٍ في هذا الإطار.
والواقع أن فترة السبعينيات شهدت ازدهاراً لدور الأغنية في الدراما التلفزيونية السورية من خلال أكثر من نموذج، ربما كان أبرز هذه النماذج ما قدمه مسلسل حقق شهرة واسعة حينما عُرِض في أواخر سبعينيات القرن الماضي وكان بعنوان “الحب والشتاء” الذي أخرجه المخرج التلفزيوني الأردني صلاح أبو هنود وجسدت شخصياته نخبة من أبرز وجوه الدراما التلفزيونية في حينه: أديب قدورة- مها الصالح- أسامة الروماني- منى واصف- ياسر العظمة، بينما كتب النص السيناريست خالد حمدي.. في هذا المسلسل برز دور الفواصل الغنائية كمعلق على الحدث، ولا شك أن كلمات الشاعر ممدوح عدوان وألحان الموسيقار سهيل عرفة كان لها الدور الأكبر في قيام هذه الفواصل الغنائية بدورها على أكمل وجه.. وبطبيعة الحال كان من الواضح أن هذه الفواصل لم تكن بهدف تزييني كما قد يحصل أحياناً، إذ يمكن الاستنتاج أن كاتب الكلمات على اطلاع دقيق على مجريات النص الدرامي، حيث تمكنت كلمات ممدوح عدوان من رصد أدقِّ تفاصيل الموقف الدرامي الذي كانت الأغنية تحاول أن تعبِّر عنه، وتكامل هذا الرصد مع الموسيقا الإيقاعية التي وضعها سهيل عرفة والتي تعكس مدى تفرّده في هذا النوع من الإبداع الموسيقي.
ربما كان “الحب والشتاء” نموذجاً نادراً لهذا النوع من الإبداع الموسيقي الغنائي الموظَّف لخدمة المشهد الدرامي، ففي السنوات اللاحقة ندر هذا النوع من الاستعانة بالموسيقا والغناء ضمن العمل الدرامي، وبقي هذا العنصر محصوراً في شارة بداية المسلسل ونهايته فقط.