ثقافة

“أزمة عائلية” بين مطرقة التكريم وسندان الاتهام بالسطحية

حلّ مسلسل أزمة عائلية ضيفاً على فعالية “أماسي” التي أقامتها مديرية الثقافة بدمشق في المركز الثقافي في أبي رمانة بإدارة الناقد ملهم الصالح، والمسلسل القائم على المفارقات ومواقف الكوميديا السوداء في نقل معاناة المواطن السوري في اللحظة الراهنة، حصل على الجائزة الثانية بالمتابعة بعد أن حجبت الجائزة الأولى، وقد أثارت الندوة التي تناولت المسلسل مناقشة ونقداً، الكثير من التساؤلات والاستفسارات والتصدي لآراء سلبية ضد العمل، وطرح بعض المسائل المتعلقة بالأزمة بطريقة سطحية، وفي منحى آخر كانت فرصة للتوقف عند قضايا إشكالية تمس الدراما لاسيما زيادة تعرفة الإنتاج والأجور.
واستهلت مديرة المركز رباب أحمد الندوة بأن الدراما السورية ستحافظ على ألقها بوجود المخلصين لها، وأشارت إلى أن أزمة عائلية الذي اتصف بنكهة كوميدية تميّزفي موسم رمضان 2017، لاسيما أنه بتوقيع المخرج هشام شربتجي.
ثم قام معاون وزير الثقافة المهندس على المبيض ومديرة المركز بتقديم درع تقديري تكريما لأسرة المسلسل ممثلة بمديرة المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ديانا جبور وبمخرجه وكاتبه شادي كيوان وبمؤلف شارته الغنائية الموسيقي سعد الحسيني وبالفنانين ليا لمبادري وأحمد كنعان.
وفي سؤالي له عن رأيه بأزمة عائلية الذي لخص معاناة المواطن السوري في ظل ما يحيط بنا أجاب المهندس المبيض: العمل مارس دوره خلال الأزمة وكان صورة عن الواقع فتناول ردود أفعال المواطن المختلفة استناداً إلى قضايا متنوعة ثقافية وفكرية ومالية، كما أنه عالج الأزمة من وجهة نظر فنية بحتة، وهذا هو دور الفن وليس المطلوب منه إيجاد الحلول وإنما إيضاح وجهة نظر يجب أن نحترمها على اختلاف سوياتها.
وقدم الناقد ملهم الصالح لمحة عن أزمة عائلية، ووصفه بأنه قدم طروحات جدية ويحسب له بأنه قدم الآخر بشكل موضوعي وبرؤية واعية ومنطقية ولم يقع بفخ الأحكام المطلقة، ورغم أنه نفذ بإمكانات متواضعة وأوضاع صعبة لكنه نجح بجدية العاملين فيه، وأضاف بأن المؤسسة العامة للإنتاج الفني نجحت بتقديم منتج متوازن.

توحيد الإيقاع
وكان المخرج هشام شربتجي المحور الأساسي في الندوة، فرحب بجمهوره متمنياً توجيه ملاحظات جدية وليست شكلية، موضحاً بأنه اشتغل سابقاً هذا النمط الفني وليس جديداً عليه، مركزاً على الخطأ باستخدام  المصطلح فأزمة عائلية هو عمل المكان الواحد وليس كما صنفه النقاد بأنه من نمط السيت كوم الذي يتطلب أدوات مختلفة، وبدأ من فكرة العمل التي أحبها ومن دور المخرج الفعّال بتوحيد الإيقاع الذي يوصل المخرج إلى الهدف، ليتابع حديثه عن النص الذي رأى فيه بذوراً يستطيع من خلالها إيجاد نبتة جيدة، ومن ثم العمل على إيجاد الوحدة الموضوعية، وتطرق إلى مراحل التنفيذ ضمن إمكانات بسيطة، واصفاً العمل بأنه اجتماعي بروح كوميدية، ووصف السيدة ديانا جبور بأنها شريكته بالعمل متطرقاً إلى عدم وجود تدخل من قبل المؤسسة لاختيار الممثلين وإنما كان هناك نوع من الترشيحات، وأشاد بأداء الوجوه الاجتماعية.
ووجه الصالح سؤالاً لكاتب السيناريو الشاب شادي كيوان بأنه كما قيل كتب الشخصية الرئيسية للنجم أيمن زيدان ؟ فأجابه بأنه لايوجد كاتب يكتب لأحد وإنما يكتب كما يرى الشخصية، ويضيف الصالح: هل تخوفت من كتابة النص بعد لوحات بقعة ضوء، ليجيب كيوان بأن الكتابة لأعمال المكان الواحد هي أخطر أنواع الكتابة من حيث الزمان والمكان، وبالتأكيد استفدت من تجربة المخرج، ليضيف الصالح بأن هناك تقاطعاً واضحاً  بين أزمة عائلية ومرسوم عائلي وعيلة خمس نجوم من حيث الهيكل العام للنص، فيرد كيوان بأنه لابد من وجود تقاطعات بين  الشخوص من خلال العلاقات العامة كون هذه الأعمال تقوم على المفارقات .

عمل وطني
ووصف سعد الحسيني  العمل بأنه عمل وطني وبأنه اعتمد على الصورة البصرية في التأليف الموسيقي ولم تتسن له قراءة النصّ، واشتغله بضغط كبير مبيّناً أهمية الموسيقا التصويرية كعنصر أساسي من العناصر الفنية المكونة للعمل الدرامي،  وتحدث عن شارة العمل والمقطوعات الأساسية الموسيقية التي شكّلت الخط العريض الذي أراده المخرج هشام شربتجي.
الممثلة الشابة ليا مباردي تحدثت عن محبة الجمهور للعمل ككل وأنه من الأعمال التي لاقت متابعة من قبل جميع الشرائح، وأنه أعادنا إلى صورة العائلة في عيلة خمس نجوم وجاء بنمط بعيد عن العنف والجمهور اشتاق إلى هذه الأعمال، وقد قدمت شخصيتها بكاركتر خاص وهي أنموذج لشخصيات موجودة فعلاً بمجتمعنا وليست شخصية افتراضية، وعدت تجربتها مع المخرج شربتجي انطلاقتها الحقيقية.
وأكدت السيدة ديانا جبور ضرورة ضخ دماء جديدة في الدراما وإلا تصيبها حالة ركود، وبهذا العمل استطعنا ضخ دماء جديدة ستكون زاداً لمستقبل الدراما السورية، لتخلص إلى أن أزمة عائلية عمل جماعي مشترك وكل خدمة للعمل هي خدمة للمنتج الدرامي، والعمل هو شراكة إبداعية من الجميع. وأشارت إلى الحسّ الوطني لدى العاملين الذي جعلهم يقدمونه بأجمل صورة. ولاستمرار الدراما نحتاج إلى رفع التعرفة الإنتاجية والأجور وعدم تكرار مشكلة الإعلام السوري المادية بالفنّ والثقافة.
وتحدث الإعلامي فؤاد مسعد بأن ما يميز العمل الحبّ الذي رأيناه بوضوح على الشاشة، وأوضح بأن الجمهور هو الذي حجب الجائزة الأولى في الاستبيان الذي أعدته جريدة الثورة، ليحصل على المرتبة الثانية.
وأشار الناقد أحمد هلال إلى تأثر كاتب العمل الواضح بأسلوبية ومواقف شربتجي الفنية، مما يدل على أن كيوان كتب برؤية إخراجية لم تكن كاملة، إنما اكتملت برؤية المؤلف الثاني الربان هشام شربتجي. والملاحظة التي لايمكن أن نتجاوزها أن هذا العمل لايقدم أجوبة للمتلقي السوري وإنما هو عمل يجترح الأسئلة في مواجهة أزمة لم تكن أزمة جهاد وعائلته وإنما أزمة وطن بأسره.
ورأت الممثلة رانيا تفوح بأن العمل أشبه بمسرح صغير ترك فيه المخرج مساحة للنجم رشيد عساف ليقدم المنولوج وهذا لايقدم إلا بالمسرح.
ملده شويكاني