ثقافة

“المهرجانات”.. جسور تواصل ثقافي

مثلما جاءنا الصيف حاراً..  جاءتنا حرارته حافلة بفعاليات ومهرجانات أضفت عبقاً على أجواء التناغم والفرح أملاً بأن تعيد لبلادنا رونقها ويرى العالم ما كنا عليه، وبأنها سوف تنهض من جديد، فإحدى فعاليات هذا الصيف هي مهرجان صيدنايا، الذي تنطلق فعالياته اليوم الاثنين ويستمر لمدة ثلاثة أيام، وقد تحدثت عنه مديرة مديرية ثقافة ريف دمشق الأديبة والشاعرة “ليلى صعب” قائلة: هي ليست المرة الأولى لإقامة المهرجان، فقد أقمناه في عام 2015 وهذه المرة نحن من المشاركين في اللجنة المنظمة ولسنا الوحيدين القائمين به هناك يوم كامل لمديرية الثقافة بالمهرجان عبر ورشات عمل للأطفال في الهواء الطلق، والعديد من الفعاليات الثقافية والفنية، ومن المستغرب وجود هذه المعارض في مهرجان سياحي، ولكن المفاجأة هي بيع كميات كبيرة من الكتب قبل بداية المعرض في منطقة بلودان، ونحن حريصون على إبقاء معرض للكتاب أمام مرأى الناس والأطفال والرواد لأن ذلك بذاته يؤصل هذه الثقافة.
وأصبحت مهرجانات الريف تأخذ طابعاً سياحياً باعتباره هدفاً بعد عودة الأمان، ومنها المنطقة السياحية”صيدنايا” فتقول صعب:
الطابع الغالب في المهرجانات سياحياً، ورغم ذلك نحن حريصون بأن يكون سياحياً–ثقافياَ، لأنه عبر الاثنين ننتج رسالة وطنية. ونهدف منه إلى إعادة الثقة واللحمة الوطنية للمنطقة.

نشاطات الأطفال
ومن الصعب زرع القيم لدى الأشخاص الكبار كالتعليم والقراءة لذلك توجهت المديرية إلى فئة الأطفال، وعن هذا الموضوع قالت صعب: لدي إيمان بالطفل، فالذي تزرعه تلاقيه ثماراً وهذا الكلام جاء عن تجربة  في العمل مع الأطفال وكل الأشياء الجميلة التي زرعتها فيهم لازالت موجودة ومازالوا محافظين عليها وعندما يقام مهرجان يأتون كمتطوعين يكتبون ويمثلون ويخرجون برنامجاً كاملاً لا نحتاج لأحدٍ فيه. وتحتل نشاطات الأطفال بمديرية ثقافة ريف دمشق الأولوية فالتركيز عليهم وعلى ذوي الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا كله ضمن إستراتيجية الوزارة ونحن نترجمها بطريقة أكثر خصوصية،فالطفل في الريف -خاصة في فترة الأزمة-لا يملك أي متنفس، تنقصه أشياء كثيرة ففي إحدى المناطق بالكاد يوجد حديقة عامة لذلك المركز الثقافي هو المكان الترفيهي الوحيد فإذا أقيمت مسرحية أو ورشة رسم يأتي الأطفال إلى المركز الثقافي.

إحساس ومسؤولية
وهناك مجموعة من المراكز التي تعمل من أجل الأطفال وتقوم بأشياء مميزة، فيكون المركز الثقافي بيتهم، وعن ذلك تقول صعب: نحاول في المركز أن نكون كعائلة واحدة، نقيم مهرجانات للقراءة وفعاليات للرسم وورشات للمسرح والتمثيل بالإضافة إلى الكورال والتدريب الموسيقي، نبني على نشاط الأطفال ونؤسس لجمهور واعد في المستقبل فمثلاً لو كسبت50طفلاً بالسنة يعني بعد ست سنوات يصبح عندي 300شخص يؤمنون بأهمية المركز الثقافي، وتضيف: لا يكون رئيس المركز دائماً على سوية عالية من الوعي لتفعيل المركز بالشكل المطلوب وإحداث تغيير في تربية وبيئة الأطفال، فنحن يوجد لدينا اثنا عشر نادياً صيفياً بأكثر من منطقة في الريف وهذا يأتي بتوجيه من وزارة الثقافة والتسجيل فيها بأجور زهيدة، نؤمّن لها مدرسين، وبذلك تكون قد سُدت ثغرة في فترة الصيف بالنسبة للأطفال مقارنة بالأماكن الأخرى ذات الأسعار الباهظة وهذا هو هدفنا.
كذلك هناك مذكرة تفاهم بين مديريتي الثقافة والتربية للتعاون من أجل نشاطات الأطفال، وعن هذه الاتفاقية تحدثت صعب:
نتفاجأ أحياناً بالعقل المغلق لبعض القائمين في مجال التربية، ونحن في أغلب أنشطتنا نقوم بالتنسيق مع المدارس لاستقطاب الأطفال لكن الكادر التربوي لا يتجاوب دائماً، والصادم أن العقلية لا تحتمل نشاطاً خارج الصف، لذلك نحاول التواصل مع المدرسة لنأخذ حصة فراغ فيكون الجواب بالرفض بحجة أن المواد الأخرى لها الأولوية، وهذه الأنشطة هي مضيعة للوقت، ولكن الذي لا يعلمونه بأنه ينعكس على أداء الطلاب ويدفعهم لتقديم الأفضل، فهناك إحصائية تقول أن الأطفال إذا تعددت هواياتهم كالرسم والفنون والرياضة يحصلون على درجات عالية في بقية المواد ويحققون تفوقاً ونجاحاً أيضاً بحياتهم الدراسية.

دور الملتقيات
ويصل أعداد الملتقيات الثقافية في الريف إلى اثني عشر ملتقى مخصصين للأطفال والشعراء والكتاب وعن دور هذه الملتقيات قالت:
تعقد الملتقيات بشكل شهري ولها دور مهم كجمع مفردات النشاط ومد جسور نحو الكتّاب والمبدعين والأدباء بعد أن اعتكف البعض منهم وهنا يأتي دور المركز للتحفيز، وقد اُكتشف في الريف فنانون تشكيليون ومؤرخون وهناك أشخاص مهمون جداً لكنهم يائسون، لكن هذه الملتقيات الثقافية حفزتهم وضخت الحياة فيهم من جديد.
ولا تسعى مديرية الثقافة لنصب مسارح ووضع أجهزة صوت وأضواء مكلفة، إذ نعتمد في عملنا على التطوع ونستأجر إذاعة–إن كانت ضرورية- وقاعة بمبالغ قليلة، وتبقى المطبوعات مسؤولية وزارة الثقافة، وأحياناً نطلب مبلغاً بسيطاً كمكافأة لبعض العاملين.
وشكرت السيدة ليلى صعب المجتمع الأهلي الذي يعود الفضل له في العديد من النشاطات الثقافية، فقالت: يؤيد المجتمع الأهلي نشاطاتنا ويدعمها، فمثلاً “العرس التراثي في النبك” دفعت تكاليفه من قبل أهالي المنطقة من حيث المستلزمات والأدوات، ونحن بدورنا كمؤسسات ما نزال مقصرين بالتواصل، فهم بحاجة إلى تشجيع، وقد اعتمدنا على مد جسورٍ للتواصل مع المجتمع الأهلي وتبادل المنفعة، فهو تربة خصبة وجاهزة للمساعدة وهي حالة ثقافية ملك لهم ونشاط مردود إليهم.
علا أحمد