ثقافة

قره جولي: العلاج بالموسيقا مبني على التفاعل

ارتبطت بأذهاننا فكرة العلاج بالموسيقا واستخدامها كنوع من أنواع الدفاع عن الذات في مواجهة الضغوط اليومية والأعباء الحياتية، أو اللجوء إليها بغية الابتعاد عن التفكير بشيء ما يؤجج القلق والتوتر، وفي بعض الأحيان لدخول عوالم تبدد فراغ اللحظة الآنية، ولكن ما أثاره الموسيقي جوان قره جولي في المحاضرة التي ألقاها في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في قاعة القديس إغناطيوس –كنيسة الصليب المقدس- فتح مداخل لخوض محور العلاج بالموسيقا ليس فقط للأمراض النفسية وإنما للعضوية أيضاً، مشيراً إلى دور موسيقا الروك في تخفيف حدة الألم في حالة معينة.
عرّف قره جولي العلاج بالموسيقا أنه علاج صحي مبني على التفاعل مع الموسيقا من أجل التأثير بصحة الشخص المقابل شريطة أن يكون مؤهلاً وموافقاً على برنامج العلاج بالموسيقا، عبر استخدام الموسيقا من كل جوانبها لتحسين الحالة العقلية والبدنية للمريض، ويعمل المعالجون بالموسيقا على تحسين الصحة من مجالات عدة، منها العمل المعرفي والمهارات الحركية والعاطفية والاجتماعية ونوعية الحياة عبْر استخدام المجالات الموسيقية مثل حرية الارتجال أو الغناء أو الاستماع وذلك لتحقيق أهداف العلاج.

تغيير المزاج
وتعد الموسيقا وسيلة من وسائل التنفيس عن المشكلات التي يعاني منها الإنسان إذ تسمح له بإطلاق الخيال وتصريف ما ينبعث من النفس من خواطر وإلهامات تقلل من التوتر النفسي لدى الشخص السامع للموسيقا أو المؤدي لها على السواء.
والفكرة الهامة التي توقف عندها قره جولي هي دور الموسيقا في توجيه السلوك واتخاذ القرار عند الإنسان بشكل أفضل، كما أوضح فيبرمن خلال التأثير المباشر على الدماغ الذي يستجيب بدوره للذبذبات الصوتية كمثير خارجي، ومن ثم يتأثر بها تبعاً لنوع الموسيقا المسموعة التي تناسب حالة المريض.
وانتقل قره جولي إلى محور آخر من خلال استخدام الطبيب النفسي البريطاني فيليب هيغوس للموسيقا كأداة للاتصال غير اللفظي، ففي العلاج النفسي التقليدي ينشأ على الأقل وضعان متناسبان، الأول تبرز فيه أهمية الاتصال اللفظي أينما كان ممكناً ويكون هذا النموذج فعالاً أحياناً، أما الوضع الثاني فيؤكد على أهمية الموسيقا كوسيلة علاجية، لذلك يكون من غير الممكن أحياناً أن نترجم ما يحدث أثناء استخدام الموسيقا، مع التأكيد على محدودية إطار العمل بالموسيقا كعلاج، وهذا يدل على أنها تخاطب الحواس وتتفاعل بطريقة خاصة مع خبرات الشخص الذي يخضع للعلاج فتحرك لديه اللاشعور، مما يساعد على عملية العلاج النفسي، ليخلص إلى أن أنواع العلاج تنقسم إلى نفسي ويشمل التوتر والقلق والاكتئاب، وعصبي ويعني القصور في عمل الدماغ، ووقائي للأم الحامل للحفاظ على هدوء الجنين.
ثم استعرض قره جولي  بعض الدراسات الحديثة عن الموسيقا ودورها في المساعدة على تخفيف خوف وقلق المرضى الذين يتنفسون اصطناعياً في وحدات العناية المركزة، ودراسة أخرى تبيّن دور الموسيقا في خفض ضغط الدم أثناء جراحة العيون للمرضى المتقدمين بالسنّ، ليتوقف عند نتائج أبحاث في جامعة أكسفورد في بريطانيا أظهرت أن بإمكان الموسيقا تخفيف التوتر وتحسين أداء الرياضيين، وتحسين حركة المرضى المعوقين عصبياً بسبب جلطة  بالمخ أو مرض الشلل الرعاش.
ملده شويكاني