ثقافة

أوركسترا “ندى” تفتتح مهرجان الملحنين السوريين الأول

“تانغو زكية” بنغمات البيانو وبجملها الموسيقية الرشيقة وإيقاعاتها الراقصة كانت من المقطوعات الجميلة التي شدّت الحاضرين في الأمسية التي قدمتها أوركسترا ندى بقيادة حسام الدين بريمو في افتتاح مهرجان الملحنين السوريين الأول في دار الأوبرا، تحت شعار”لأنهم سوريون..ولأن موسيقاهم تشبه حياتنا نستذكرهم”، وقد تنوعت مقطوعات الموسيقا الآلية وفق قوالب موسيقية متنوعة، منها اللونغا والسماعي والمقطوعة الشعبية ورقصة التانغو، وتميّزت الأمسية بتقديم مقطوعات آلية قديمة بعضها يقدم لأول مرة ونقل من الورق إلى آلات العازفين، فأظهرت أوركسترا ندى المؤلفة من الوتريات(الكمان والفيولا والتشيللو والكونترباص) مع العود والقانون والناي والإيقاع والبيانو والأكورديون قدرة الموسيقيين السوريين المعاصرين في مجال الإعداد الموسيقي، بحضور كبير للبيانو-العازف إياد جناوي-، والأكورديون –العازف وسام الشاعر في الصولو والتلوين الموسيقي، وبقاء الإيقاع كلحن مرافق للمقطوعات بتناغم وانسجام، واتسمت بعض المقطوعات بطابع الرومانسية الممتزجة بشيء من الحزن.

عواطف موسيقية
بدأت الأمسية بمقطوعة “استقبال” تأليف محمود العجان والإعداد الموسيقي لبريمو بصولو الناي-العازف إبراهيم كدر-لتمتد الجمل اللحنية مع العود والقانون واللحن الإيقاعي المرافق-العازف مازن حمزة-مع مساحة للوتريات ومضت بمسار لحني ممتع وشائق، تبعتها مقطوعة “سماعي بيات” للمؤلف حسان سكاف والإعداد الموسيقي عصام رافع، لتنتقل الأوركسترا إلى”لونغا زنكلاه” للمؤلف محمد رجب وتوزيع بريمو، وقد أشار إلى جمالية اللحن وصعوبة عزفه كونه يتطلب مهارة من العازفين، وبدت فيها الجمل الموسيقية القوية والقصيرة في مواضع مع تتابع الصولو للعود والناي والأكورديون والكمان وتكرار اللازمة الموسيقية. وشهدت الأمسية أجواء مختلفة لاسيما لعشاق البيانو مع  مقطوعة”مداعبات” تأليف محمد عبد الكريم وإعداد إياد جناوي وكمال سكيكر، وكانت أشبه بحوارية ثنائية بين العود- والبيانو –وقد وظّف فيها العازف جناوي تقنيات البيانو بإظهار مستويات موسيقية متعددة مع قطعات حادة، وشغلت نغمات البيانو عبْر دقائق مسرح الأوبرا مما أضفى جمالية على الأمسية، لتتقاطع مع مقطوعة “حبايب” للمؤلف صبحي سعيد وتوزيع إياد جناوي، تناوبت فيها الألحان بين الأكورديون والبيانو، فبدأت بمساحة للأكورديون أظهر فيها وسام الشاعر منعطفات لحنية وفواصل لتقنيات الآلة تناغمت مع الامتداد اللحني، في حين كانت نغمات البيانو بطيئة وهادئة، ليتصاعد اللحن وتصبح الجمل متسارعة وحيوية. كما حفلت الأمسية باللون الشعبي من خلال مقطوعة “رقص الهوانم” تأليف كميل شامبير والإعداد الموسيقي لبريمو، وقد أوضح بأن الأوركسترا عزفت اللحن الأصلي كما كُتب وبأنه التزم بالتفاصيل اللحنية لذلك جاء مختلفاً في بعض المواضع عن اللحن المطروق والمسموع والذي طرأ عليه تعديل. لتصل الأوركسترا إلى المقطوعة الأصعب “عواطف” لتوفيق الصايغ إعداد بريمو وأوضح بأنها مقطوعة أخذت من الورق ومكتوبة بشكل قديم جداً ومغاير للآلية التي يشتغل عليها الموسيقيون الآن، ولم يتدخل بالمزج الصوتي أو الانسجامات الموسيقية أو الهارموني، وإنما وزعها على الآلات من وجهة نظره بما يناسب تعبير المؤلف عن عواطفه، وأشار أيضاً إلى أن اللحن طويل يصل إلى (45) دقيقة، لذلك ارتأى اختيار مقطوعتين تعبّران عن عواطف المؤلف، بدأت بصولو البيانو بنغمات رقيقة مشوبة بشيء من الحزن ليتسارع المسار اللحني باشتراك آلات الأوركسترا وتباين الجمل اللحنية الطويلة والقصيرة، واختلاف الطابع الصوتي والمستويات الموسيقية، واختُتمت الأمسية بمقطوعة الأغنية الشهيرة” توتة” للفنان فريد الأطرش.
توثيق الأعمال
وأوضح قائد الأوركسترا حسام الدين بريمو بأن الأعمال الموسيقية مكتوبة بلحن واحد تمّ توزيعها على الآلات الموسيقية كما اعتقد مع المعدين الموسيقيين بأن الجملة اللحنية تناسب ذوق هذا المؤلف، وتابع: ربما نخطئ وربما نصيب لكن الأهم أن ننقل هذه الألحان إلى الجمهور، ولهذا المهرجان أهمية كبيرة كوننا بحاجة إلى توثيق أعمال الموسيقيين الذين سبقونا ولانعرف عنهم شيئاً، وأخذنا منهم فكانوا الجذور بالنسبة إلينا.
وأضاف أحمد بوبس المشرف على المهرجان بأن سورية تحظى بموسيقيين عباقرة إلا أنهم ظلموا ولم يأخذوا نصيبهم من الشهرة مثل معن دندشي وأحمد الأوبري ومحمد محسن ومحمد رجب وغيرهم، ويهدف المهرجان إلى التعريف بهؤلاء المؤلفين والملحنين لاسيما أن بعضهم لحن لفيروز وصباح ووديع الصافي وشادية وغيرهم وتذاع الأغنيات ولا يذكر اسم الملحن ولايعرف المستمعون أنها لملحنين سوريين، على سبيل المثال الأغنية البدوية”يام العباية” التي انتشرت في أرجاء الوطن العربي في الخمسينيات والستينيات وهي من تلحين عبد الغني الشيخ. ربما تكون فكرة المهرجان غير مألوفة للبعض الذين يحبون المعاصرة لكن التوثيق الموسيقي بات مطلباً للموسيقيين.

ملده شويكاني