ثقافة

غلاف الكتاب المدرسي.. لعلهم يعقلون

اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي تناولت غلاف الكتاب المدرسي بين ذم وقدح، وآراء تدافع عنه وعن فكرته النبيلة التي تقدم الفن التشكيلي السوري على أنه نتاج جمالي حضاري يساهم في رفع الذائقة عند التلميذ والمعلم والأهل على حد سواء، ومن العجيب أنه لم يصدر أي رأي أو موقف من قبل اتحاد الفنانين التشكيليين الذي يمثل جمهرة الفنانين وبيتهم النقابي، ويتنطح للدفاع عن الفن التشكيلي السوري وأهمية دوره الثقافي في كل حدث ومناسبة، وفي هذه المناسبة تحديدا كان من الأجدر أن يسمع صوته ويصدر بيانا أو توضيحا أو رأيا يدعم خطوة وزارة التربية في جعل غلاف الكتاب المدرسي منصة تعريف بالفن التشكيلي وأعلامه، ووصل الأمر ببعض التعليقات التي أطلقت من بعض المشتغلين في الثقافة وصناعة الكتاب من قذف أصحاب القرار في وزارة التربية واتهامهم بما هم منه براء!

ونحن أمام رأي عام لم ينضج بعد فيما يخص غلاف الكتاب المدرسي، خاصة أن هذا الرأي ظهرت ملامحه عبر الثرثرات على صفحات الفيسبوك، أي أنها لا تتمتع بالمسؤولية الحقيقية ولا بالمصداقية المهنية، حتى أن البعض منها موجهة لشخص الوزير أو مدير المناهج أو لخطة الدولة التربوية، وبعض هؤلاء يطلقون تصريحاتهم الصفراء مدفوعين بهزيمتهم وعدائهم لمؤسسات الدولة، ولن يكون ما ننشره للرد عليهم، بل موجهاً لأبناء الوطن الحريصين على نجاح أي خطوة ومدفوعين برأيهم من دافع الغيرية والحب.

واللافت، ما كتبه رئيس اتحاد الكتاب العرب بأن هناك فرقا بين النقد الشعبي لغلاف الكتاب وبين الرأي العلمي القائم على المنهج وفكرة الهدف النبيل, وحسبي أن مؤسسة الاتحاد من أهم المؤسسات المنتجة للكتاب، ورأي رئيسها من الأهمية أيضا ويؤخذ به، لأن بعضاً من أعضائه هم من واضعي المناهج، ولا مجال للشك في خبرة العامل الوطني في مجال صناعة الكتاب وخاصة المدرسي، لكن الجديد يخضع لاستهجان العامة ومن المحتمل أن يكون هذا الجديد منفراً ولا يتناسب وذوق الغوغاء القائم على العدوى والضحالة والاستعجال.

ومن الموضوعية أن نذكر أن الكتاب المدرسي يقع في خانة الكتب الشعبية من حيث جودة الصناعة الفنية بما يتعلق بالورق والغلاف والتنضيد وأعمال الفرز والمونتاج والطباعة، مما لا يدع مجالا للشك بمقارنته بالمطبوعات المخصصة للأعمال الدعائية أو البروشورات ذات التكاليف الباهظة، هذا الأمر لا يعفي الكتاب المدرسي من توفر الحد المعقول لذلك، خاصة أن لدينا من الخبرات الطباعية ما يشهد لها، وإن إخراج الغلاف هو اختصاص بحد ذاته يجب أن يراعي قبول التلميذ ويخاطب حسه بالشكل اللائق والمحبب ومتضمنا لما يحتويه كمدخل معرفي، لا أن يقف حاجزاً بين الطالب ومضمون الكتاب، ولربما القليل من العناية في تصميم الغلاف بأن نجعل من العناصر البصرية المؤلفة له غاية في التوافق والانسجام في جملة تربط الصورة مع خط العنوان واللون وقطع الكتاب وسماكته.

إن الفكرة النبيلة التي تقدمها أغلفة الكتب المدرسية، تحمل في مضمونها غايات تربوية وحضارية، وتتسم بالشجاعة والمسؤولية والحرص على التعريف بالفن والحضارة السورية للنشء، ولشريحة واسعة من شعبنا، ولن يقف بعض تواضع أدوات تقديم الفكرة عائقاً أمام تحقيقها، ولن يبقى جهل العديد بالآثار السورية وبالفن السوري متحكماً بالرأي، وسيعرفون أن كتابنا المدرسي تنويري من ألفه إلى يائه.

أكسم طلاع