ثقافة

 صلحي الوادي مكرماً في أماسي

أسئلة كثيرة طرحها الإعلامي ملهم الصالح في الندوة الحوارية لتكريم الراحل صلحي الوادي بعد عشر سنوات على الرحيل في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بحضور د. بثينة شعبان المستشارة الإعلامية والسياسية في رئاسة الجمهورية ومعاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض والأساتذة الموسيقيين ومحبيه، لنعرف الكثير من الجوانب الإنسانية في حياة الراحل الوادي الذي أسس قاعدة الموسيقا الأكاديمية، والمشهد الموسيقي السوري الذي يحظى بتكريم عالمي اليوم، وليؤكد جميع تلامذته على متابعة رسالته بأمانة.

استهلت السيدة رباب أحمد مديرة المركز الندوة بالحديث عن إسهامات د. نجاح العطار حينما كانت وزيرة الثقافة بدعم وتأسيس المعهد العالي للموسيقا، وتحدثت د. بثينة شعبان عن أهمية استذكار صلحي الوادي مؤسس الفرقة السيمفونية الوطنية الذي وصفته بعاشق الموسيقا، وعادت بذاكرتها إلى الأمسيات التي قدمها في إيبلا إذ خلق طقساً موسيقياً لمتابعة الأمسيات السيمفونية، وأضاف قيمة كبرى لسورية، لذلك جميع السوريين يفخرون به ومن واجبنا الحفاظ على الإرث العظيم الذي تركه.

وشكر معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض وزارة الثقافة للمبادرة التي تكرّس تكريم القامات الفنية والثقافية في سورية، وعائلة صلحي الوادي وجميع الحاضرين الذين يعرفون قيمة ما قدمه، وأيضا بلدنا سورية التي خرجت مثل هذه القامات.

ثم تمّ تكريم الراحل بتسليم شهادة التكريم من قبل د. بثينة شعبان ومعاون الوزير إلى ابنة الراحل السيدة ديالا الوادي.

بدأت الندوة بعرض فيلم توثيقي وتسجيلي عن مراحل حياة الراحل منذ أن كان في السابعة من عمره حينما عرف أن الموسيقا هي عالمه الذي يريد أن يدخل إليه، وتوقفت الكاميرا مع صديقه الراحل صميم الشريف الذي تحدث عن مقولة صلحي الوادي حينما استلم إدارة المعهد الموسيقي العربي” بعد عشرين سنة سأصنع موسيقا هذا البلد” ليتابع الفيلم عن إدارته المعهد العالي للموسيقا والفنون المسرحية فكان قيادياً صارماً وصادقاً مع من حوله، ومحفزاً للبحث والمعرفة، ويسبق الزمن بكل تفاصيله. كما تحدث المايسترو رعد خلف عن مرحلة تجهيز المعهد وتهيئة كادر تدريسي للانطلاق وتأسيس الفرقة السيمفونية الوطنية بعد ثلاث سنوات من افتتاح المعهد.

وركز الإعلامي ملهم الصالح على الحوار مع تلامذة الوادي المقربين الذين يشغلون اليوم المفاصل الهامة في المشهد الموسيقي السوري، حيث بدأ المايسترو أندريه معلولي عميد المعهد العالي للموسيقا حديثه حول الأقوال التي ترددت عن قسوة صلحي الوادي، فأوضح أن قسوته هي احترام للمكان والإخلاص للعمل بدافع الحبّ الأبوي الذي يكنّه لتلامذته ولحلمه بتحقيق مشروعه الموسيقي الكبير، ليتوقف معلولي عند اهتمام الراحل بالموهبة،  وتشجيعه له بتأسيس أوركسترا لينفي كل الادعاءات بأنه كان دكتاتوراً ورافضاً تأسيس أية أوركسترا، ليتابع عن الجهود التي بذلها الوادي لتأسيس الفرقة السيمفونية الوطنية فعمل على استكمال الكادر الموسيقي للآلات النفخية والنحاسية والخشبية بتعليم كل عازف لآلة شرقية العزف على آلة غربية حتى انطلقت الفرقة عام 1993، كما توقف عند التأليف الموسيقي لصلحي الوادي وموسيقاه التي امتزجت بالموسيقا العربية، مشيراً إلى أن سورية اليوم من الدول القليلة التي تقدم الموسيقا العربية بطريقة أوركسترالية.

وقال المايسترو ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية: الوادي من الأشخاص الذين تركوا أثراً في القلب والذاكرة وعلى الورق وفي كل مكان، واصفاً علاقته به بالقدرية لاسيما أنه أقنعه بالتخلي عن دراسة الهندسة من أجل متابعة دراسة الموسيقا، ليعود بذاكرته إلى طفولته ودراسته العزف على البيانو في المعهد الموسيقي العربي ومن ثم دراسته بناء على طلب من الوادي بالمعهد العالي للموسيقا، وتعليمه له قيادة الأوركسترا، ثم الفرقة السيمفونية وهو مازال طالباً عام 1994، مبيّناً أن خوفه من أستاذه الذي ينظر إليه من الكواليس كان أكبر من خوفه من الجمهور الكبير، ليتحدث عن وضع الفرقة اليوم والتي بدأت ولادتها منذ الستينيات بأن الهدف كان الاستمرارية التي تعلمها من أستاذه، فرغم الحرب وهجرة الكثير من الموسيقيين استمرت الفرقة لتحمل رسالة الوادي. المحور الهام الذي توقف عنده باغبودريان هو التحليل الموسيقي لإحدى المقطوعات التي كتبها الوادي على آلة البيانو التي ألفها عام 1958والتي بُنيت على لحن سيد درويش” طلعت يا محلا نورها”.

وكثيرون لايعرفون العلاقة الودية التي تجمع بين الموسيقي هادي بقدونس والوادي، حيث يعود بقدونس بذاكرته إلى احتضان الوادي له على الصعيد الأسري والفني، وتشجيعه له على تأليف فرقة الخماسي للموسيقا العربية، وعن حضوره أمسياته في النقابة.

أجيال موسيقية

الأوبرالي فادي عطية مدير معهد صلحي الوادي عمل على جمع مقتنيات الوادي في المعهد كونه اللبنة الأساسية التي أسسها الوادي للموسيقا الأكاديمية، وتحدث عن ذكرياته مع أستاذه منذ أن كان طالباً قادماً من حمص، وعن تمسكه بمتابعة رسالة الوادي بتنشئة أجيال موسيقية.

وبيّن الموسيقي محمد زغلول مدير المعاهد الموسيقية أن من واجب الموسيقيين متابعة شغف الوادي وحلمه بإنشاء معهد موسيقي في كل محافظة لنشر الموسيقا على مدى جغرافية سورية.وتابع الموسيقي طاهر مامللي عن الأمانة التي تركها الوادي وضرورة متابعة المشروع الموسيقي الأكاديمي لنكمل رسالته، وعن علاقته مع أستاذه من خلال الموسيقا التصويرية، أما الفنان غسان عزب فأشاد بالتزام الوادي بطقوس الموسيقا التي تفصله عن كل ما يحيط به.

مسابقة الوادي للبيانو

واستضاف الصالح ابنة الراحل ديالا الوادي فتحاور معها عن الجانب الإنساني والحياتي عن الأب الذي علم أولاده الكثير من القيم والمعاني، فانطلقت في حديثها من مقولة: لاتوجد في حياة والدي حلول وسطى، وذكرت العديد من المواقف التي لايخلو بعضها من الصرامة، وبعضها من الفكاهة، لتتوقف عند أهمية وجود والدتها سنتيا الوادي في حياته التي كانت عازفة بيانو وشريكة فعلية في مشروعه الموسيقي، وعشقه لها جعله يؤلف الكثير من المقطوعات الموسيقية للبيانو، ومن ثم عن مرحلة مرضه لتتوقف عند موقف مؤثر جداً حينما حضر الوادي إحدى الأمسيات في مكتبة الأسد وهو على الكرسي المتحرك فأصر على الوقوف لحظة عزف النشيد العربي السوري.

تخلل الندوة عرض فيديو لابنته همسة الوادي الأستاذة في أكاديمية سبيليوس في فنلندا، وتوقفت عند مسابقة صلحي الوادي الدولية للبيانو، وتحدث أحد موظفي الاستقبال في المعهد بلال عمرين عن كرم الوادي وإنسانيته.

ملده شويكاني