ثقافة

“معرض الخريف”.. لوحات تمثل ذاكرة وطن

استقبل خان أسعد باشا في أسبوع الثقافة معرض الخريف السنوي جامعاً فيه كل الأعمار ليلتقوا ويقدموا معرضهم السنوي احتفالاً بوعي الحياة، وقد عُلق على جدران الخان حوالي 190 عملاً بين التصوير والنحت والحفر والأعمال التجريبية.
أتى النحات غازي عانا وهو قلق من كم الأعمال وتأثيرها على المعرض فهو لا يفضل المشاركات الكثيرة، إلا أن خوفه زال حيث قال: يمكنني تقييم المعرض بالجيد، فهو متنوع غني بالتجارب والأساليب والتقنيات المشغولة، ويعكس حركة الفن التشكيلي في سورية، والملفت أيضاً هو عودة بعض أسماء الفنانين التشكيليين للمشاركة وهو مؤشر جيد لإعادة الألق إلى المعرض السنوي.
وعن مشاركته قال: أنا أعمل في النحت التجريدي، فالتجريد هو إعادة الشكل من جديد، وقد شاركت هذا العام بمنحوتة صغيرة دون تحديد هويتها، فالبعض رآها طير وآخرون سمكة، والجميل أن العمل قوبل بقراءات كثيرة.

ليل العالم
ويرى الفنان محمود جوابرة أن المعرض السنوي أهم تظاهرة فنية، إلا أنه تراجع خلال سنوات الحرب، وأن حركة الفن التشكيلي ليست بحالتها الصحيحة، وعن مشاركته في المعرض قال: شاركت في عمل بعنوان “ليل العالم” وعادة الاسم يكون باباً للمتلقي يدخل منه لمعرفة وفهم كيفية تفكير الفنان، وأنا قدمت في اللوحة شخصيات عدة، والشيء الأساسي الذي أعمل عليه هو أسطرة الواقع وإعادة إنتاج الأسطورة بطريقة مختلفة عن ما قُدمت سابقاً عبر تاريخ الفن التشكيلي والإنساني، فالثور الذي كان في يوم من الأيام رمز القوة استخدمته في لوحتي بطريقة مختلفة ليصبح رمزاً للهجومية والعدوانية، وهذه المسألة تعطي فكرة عن البيئة والواقع والزمان والمكان، فنحن لا نستطيع أن نعزل أنفسنا عن ما يجري في سورية، وأنا مسكون بالخوف وبليل هذا العالم، ويتلبسني اللون الأسود وينعكس على أعمالي.

أرشيف الوطن
أما الفنان موفق مخول الذي شارك بعمل فني تشكيلي فيرى أن المشاركة في معرض الخريف السنوي هي مشاركة وجدانية وواجب وطني يقدم رسالة بأن سورية بخير، وقال: مازال في سورية ناس يحبون الجمال، والمستقبل لن يتعافى إلا بالحب والجمال والفن فهو سلاح الفكر، لذلك يعتبر المعرض تجمعاً وطنياً وإنسانياً يحمل قيماً إنسانية كبيرة بغض النظر عن اللوحة، فنحن بدورنا نحترم كل إنسان قدم عملاً فنياً تشكيلياً ولم يحمل السلاح، وهو دليل على محبة الوطن وأنا افتخر بهذا المعرض.
وعن تقييمه للمعرض قال: هناك أعمال مهمة في المعرض هذا العام، والملفت للنظر هي طاقات الشباب الرائعة التي قدمت لوحات فنية بحساسية عالية، ويمكن القول أنهم أصحاب مشروع إبداعي، والمعرض السنوي هو أرشيف وذاكرة الوطن، وأتمنى أن يكون لهذه الأعمال الفنية متحف خاص بهم، وتعرض اللوحات في السفارات والمؤسسات، وتكون ملك الجميع وليس مخصصة لأصحاب البيوت الفاخرة فقط.

مقدسيات
ويمثل المعرض السنوي جزءاً من التراث السوري وله خصوصيته عند كل الفنانين التشكيليين السوريين والفلسطينيين، إذ قال الفنان الفلسطيني عبد المعطي أبو زيد: شاركت بلوحة “مقدسيات” تظهر طبيعة الصمود الفلسطيني والأرض المحتلة من خلال المرأة الفلسطينية التي تمثل الأرض والأم والبيوت الفارغة التي هجرها سكانها، ولكن في الوقت ذاته يبقى هناك أشخاص صامدون، فنحن شعب مسالم نريد  تحرير أرضنا وأملنا أن تعود، وقد عبرت عنها بصورة الحمامات البيضاء العائدة إلى الأرض.

في الذاكرة
وقدمت الفنانة لينا ديب لوحة بعنوان “تدمر في الذاكرة” استعانت فيها بآثار تدمر المدمرة والباقي منها لتشكيل لوحة مميزة وتقديم محاورة بصرية، والتأكيد أن الآثار التي دمرها الإرهاب سيتم إعادة ترميمها، وعن أهمية المعرض قالت:
مشاركتي في المعرض السنوي هي بمثابة مشاركة إعلامية لإعلان عودة الاستقرار والهدوء لبلدنا الحبيبة، وأننا مازلنا نقدم كل شيء جميل.
أما الفنانة الشابة علا هلال فشاركت بعمل نحتي يمثل الأنثى بثنائية الجسد والروح، وكأنها بحالة تمنٍ للانطلاق إلى حرية الفكر والسلام، وتعتبر أن الأنثى هي هاجسها الأول في أعمالها. كما قدمت الفنانة مفيدة ديوب لوحة تمثل الطبيعة الخضراء لتعبر عن حالة الفرح التي سـتأتي إلى سورية قريباً، وعن المعرض قالت ديوب: نحن سعداء جداً بهذه التظاهرة، خاصة أن هذا العام كان هناك حالة دمج جيل الشباب مع الكبار وتفاوت بالأعمار، واستطعنا نحن كشباب الاستفادة من خبرات الكبار.
جمان بركات