ثقافة

أدهم كريّم يحيي ذكرى عازار حبيب

صاحب الأغنية الدافئة”مش مهم تكوني حدي حتى غني” كان حاضراً في أمسية خاصة أقامتها وزارة الثقافة في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- لمناسبة عشر سنوات على رحيل عازار حبيب، بصوت أدهم كريّم ومشاركة الموسيقي هادي بقدونس، بحضور عدد من الفنانين والموسيقيين، فأعادت إلى الأذهان عذوبة صوته وإحساسه برقة الكلمة التي تماهت ببريق عينيه، هذا المطرب الذي أسس مدرسة غنائية بروح كلاسيكية راقية بُنيت على التجديد الغنائي ليمضي بالأغنية اللبنانية والعربية نحو مسار جديد، وقد أغنى الساحة الفنية بألحانه لأغنياته التي مزجت في بعضها بين الروح الشرقية والغربية بحضور آسر لآلتي البزق والغيتار، وساهم بالتجديد اللحني لكثير من الفنانين، منهم مروان محفوظ وهادي هزيم ومنعم فريحة ومادونا وأمل حجازي، ولحّن لبعض الفنانين السوريين مثل سمير سمرة وسمر عبد العزيز.

بدأ أدهم كريّم الذي اشتُهر بأداء أغنيات عازار حبيب وبغنائه الوطني بأسلوب عاطفي بأغنية “يا رايح ع ضيعتنا” لتكون افتتاحية الأمسية بمشاركة نور عسلي على العود الكهربائي وسامر جليلاتي على الأورغ، ليستحضر بأدائه جمالية أغنيات المحتفى به فمن نانا اللي نسيت هوانا إلى ع خدك حبة لولو، وكتير محلاية، ثم شارك الفنان هادي بقدونس بعزف تقاسيم متنوعة تحيةً إلى أبطال الجيش العربي السوري، ثم عزف أغنيات وطنية لاتغادر الذاكرة، ثم وجه كريّم تحية إلى الفنان الكبير ملحم بركات بأغنية يا حبي اللي غاب من عمري أنا.

المنعطف في الأمسية أن الفنان كريّم خصّ سورية بأغنيته “شو بحبك أنا” من ألحان زوجته الشابة التي رحلت مؤخراً إلهام شيخو.

مدرسة غنائية

ولفتت مديرة مديرية ثقافة دمشق السيدة منال النصار عبر ترحيبها بالحضور إلى أننا نحتفي جميعاً اليوم بمرور عشر سنوات على رحيل الفنان عازار حبيب الذي أسس مدرسة غنائية من خلال صوت أدهم كريّم ومشاركة الموسيقي هادي بقدونس.

ووصفته السيدة رباب أحمد مديرة مركز-أبو رمانة- بأنه صاحب الصوت العذب وبقيت أغنياته بالذاكرة لأنه امتداد للزمن الجميل والفن الراقي، فهو قامة فنية تستحق التكريم، وأغنياته تحمل عبق روح الرحابنة ببساطة ورقة الكلمة وفي الوقت ذاته بعمق اللحن المعبّر عن فلسفة الحياة.

روح الأغنية الكلاسيكية

أما الفنان سمير سمرة الذي لحّن له الراحل حبيب كلمات أغنية”لو ملكوني الدنيا بحالها” كلمات الراحل عيسى أيوب، فرأى أنه صاحب مدرسة تنم عن خصوصية بروح شرقية ووجدانية مثل أغنية “كوار العسل” وشغل في زمن ما الساحة الفنية واتسم بالتنوع الذي يساير أذواقاً مختلفة بين الطرب والمعاصرة.

وتحدث الموسيقي هادي بقدونس عن روح الأغنية الكلاسيكية التي نشرها الراحل  في لبنان وسورية للتقارب الفني بينهما بالمدارس الفنية، وخصوصيته التي تميز بها، وطالب بقدونس بإقامة أمسيات لتكريم القامات التي أغنت الساحة الفنية المحلية والعربية.

وأوضح الشاعر الغنائي عبد الرحمن الحلبي بأن عازار حبيب امتلك بصوته حساً مرهفاً قلّ نظيره من حيث الأداء والتعبير وقد تمكن من تصوير الكلمة بصوته الشجي رغم أن مساحته محدودة، وبلغ ذروة شهرته عبر أغنياته في مطلع الثمانينيات واستمرت حتى رحيله متوقفاً عند أغنيته الأخيرة”يا أحلى السيدات” وتابع بأنه لم يستطع أي فنان بعده أن يجيد هذا اللون الغنائي العاطفي، مضيفاً أن الفنان أدهم كريّم اشتُهر في إذاعة دمشق بتقارب صوته من صوت عازار حبيب وغنى الكثير من أغنياته.

وعاد الناقد الموسيقي أحمد بوبس بذاكرته ليتحدث عن الفنان الراحل الذي بدأ بالموسيقا الغربية ومن ثم انتقل إلى الغناء الشرقي لذلك اتسمت أغنياته بمسحة الموسيقا الغربية، ورأى بوبس أنه مثّل المرحلة الغنائية الوسيطة ما بين مرحلة الرواد وبين موجة الأغنيات الخفيفة والهابطة التي انتشرت فيما بعد، وعن التقارب بين صوت كريّم وعازار حبيب تابع بوبس بأنه ليس المحور الأساسي إزاء التقارب بالأداء الغنائي والإحساس بصوته بأسلوب صحيح، أما عن تجربته بالتلحين فبرأي بوبس أن تجربته اقتصرت على تلحين أغنياته بشكل خاص وأن تلحينه للآخرين يشكّل جزءاً بسيطاً فقط.

رسام محترف

وتحدث الفنان الدرامي والموسيقي أحمد حلاق الذي رافق عازار سنوات طويلة في فرقته عن جانب لايعرفه كثيرون إذ شُغف حبيب بالرسم وكان رساماً محترفاً قبل أن يدخل عالم الغناء والتلحين، واستمر بالرسم وتظهر لوحاته براعته من حيث تقنيات الظل والضوء واستخدام العتمة في موضع ما من لوحاته، إضافة إلى المضمون الإنساني واللمسة الرومانسية، وقد شغلت لوحاته جدران منزله الذي كان أشبه بمعرض ومتحف إذ اهتم أيضاً باقتناء الكثير من القطع الفنية والجمالية، وتابع عن الخصوصية الموسيقية لحبيب بأنه عازف غيتار ومتأثر بآلته لذلك غلب الطابع الغربي على أغنياته التي اتصفت بالعذوبة ورقة الكلمات وهو يشبه أغنياته.

ملده شويكاني