ثقافة

“موسيقا من أجل السلام” على مسرح الأوبرا

فريق مشروع”موسيقا من أجل السلام” كان حاضراً في دار الأوبرا التي شهدت أول أمسية باستضافة ثلاثة عازفين روس حائزين على جوائز دولية، وهم عازفة البيانو ماريا نيمتسوفا، وعازف التشيللو يفغيني روميانتسيف، وعازف الساكسفون فيتالي فاتولا، الذين يتبنون هذا المشروع ويزورون الدول التي تعاني من نزاعات لنشر الثقافة الموسيقية الهادفة وتوظيفها من أجل السلام.

قدمت الأمسية من خلال العزف المنفرد والعزف الجماعي مقطوعات لأهم مؤلفي الموسيقا الكلاسيكية، وبأنماط مختلفة للفالس والتانغو والبوب، والأمر اللافت الحضور الكبير للتشيللو ضمن أبعاد موسيقا مغايرة لنغمات الحزن التي ارتبطت به، وقد تفاعل جمهور الأوبرا بالإنصات ومراقبة أساليب العزف والمهارة الموسيقية للعازفين الروس، وازداد تفاعل الجمهور مع فقرة عزف مقطوعة من أوبرا كارمن.
بدأت الأمسية بفقرة عزف جماعي للبيانو والتشيللو والساكسفون بتشكيل ثلاثي هارموني متناغم بمقطوعة مسرحيات مختارة لماكس بروخ وقد أخذ فيها الساكسفون مساحة بالامتدادات اللحنية وبقي الدور الأول للبيانو، وبعدها لوحة ثنائية بين التشيللو والبيانو لمقطوعة بيزو كابريسيزو62 لبيوتر تشايكوفسكي، والمحور الأساسي في الأمسية كان العزف المنفرد لعازفة البيانو ماريا نيمتسوفا لمقطوعة استعراضية من باليه “كسارة البندق” لتشايكوفسكي –بلينتييف” والتي أبدت فيها العازفة مهارة فائقة بأسلوب العزف بأبعاد ومستويات موسيقية متنوعة مستخدمة فيها مواضع اليد المعاكسة، وعاد العزف الجماعي بمقطوعة “تربو اليغي رقم 1سول مينور” وتميزت بالقفلة الخافتة للبيانو حتى السكون، ثم مقطوعة سرغي رخمانينوف للعزف المنفرد للعازف يفغيني روميانتسيف للتشيلو وقد أبدع بإظهار ألوان موسيقية مغايرة لدور التشيللو المألوف بتكثيف موسيقي وتصاعد حيوي للحن، والفانتازيا الرائعة من أوبرا كارمن كانت الأقرب إلى الجمهور بعزف ثنائي بين البيانو ماريا والساكسفون فيتالي، وتميّزت بحضور جميل للساكسفون، كما قدمت الفرقة موسيقا التانغو والبوب بأجواء ساحرة.

السورية الأقوى عربياً
وأوضح د. فادم  كيشيكوف مدير المراكز الثقافية الروسية في سورية وبيروت والأردن والمسؤول عن هذه الأمسية في حديثه لـ “البعث” بأن هذه الفعالية احتفال بسورية التي انتصرت على الإرهاب بعد سنوات الحرب الطويلة، فأردنا أن نهدي الشعب السوري قليلاً من الفرح والمتعة بالاستمتاع بالموسيقا الكلاسيكية، فاستضفنا من روسيا الفرقة الموسيقية المؤلفة من ثلاثة عازفين والتي تتبنى مشروع “موسيقا من أجل السلام” الذي انطلق في عام 2010 من روسيا وتوجهوا لزيارة أكثر من عشرين دولة تعاني من النزاعات ومن الدول العربية زاروا الأردن وبيروت وسورية للمرة الأولى، وهو مشروع إنساني وغير ربحي يعتمد على التعاون من خلال ورشات العمل للطلاب، وقد أقمنا في سورية ثلاث ورشات عمل منفردة للبيانو والتشيللو والسكسافون مع الطلاب بحضور الأساتذة، وأشاد بالمستوى العلمي العالي لطلاب المعهد وبالخبرة الموسيقية والمهارة التي يتحلون بها. وأكد د.كيشكوف وجود تقارب كبير بين المدرسة الموسيقية الروسية والمدرسة الموسيقية السورية التي وصفها بالمدرسة الموسيقية الأقوى في الوطن العربي.

التعاون الثقافي الروسي
وعن الخطة الجديدة لمتابعة التواصل مع الخبرات الروسية وإقامة فعاليات خاصة أجاب: إن هذه الأمسية هي نقطة الانطلاق وتمثل أهمية كبيرة لأنها الأمسية الأولى لعازفين روس بعد سنوات الحرب، وكانت حافلة بمقطوعات لكبار المؤلفين الموسيقيين تشايكوفسكي ورخمانينوف وفرانسوار بورن، وهي مقطوعات صعبة وكنت سعيداً جداً بإصغاء الجمهور النخبوي للموسيقا الكلاسيكية، وفي الوقت ذاته الأمسية هامة جداً بالنسبة لطلاب المعهد بعد الورشات كي يتعرفوا إلى أساليب العزف، ومن الآن سيبدأ التعاون الثقافي بأنواعه بين روسيا وسورية، وأشار إلى التحضير لفعاليات مميزة ستشهدها سورية في عام 2018.
وعن الفعاليات التي ستقام في المركز الثقافي الروسي في دمشق أضاف بأنه قريباً ستتم إعادة افتتاح المركز ببرامج غنية ونوعية، ونحن نركز على اتفاقيات وتقديم المنح الدراسية للطلاب السوريين للدراسة في روسيا للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه في مجال الموسيقا، وسيتابع فريق موسيقا من أجل السلام  نشاطاتهم في دول عدة ومنها الدول العربية ولابد من أن تتكرر زيارتهم إلى سورية.

الموسيقا في كل مكان
وبالتعاون مع سمر الكوز الطالبة في المعهد العالي للموسيقا بالترجمة تحدث عازف التشيللو يفغيني روميا نتسيف الذي يجمع بين العزف المنفرد ومع الأوركسترا عن أهمية الموسيقا بأنها مثل الهواء والماء والضوء، هي تلك العاطفة المتقدة والرغبة بالتطور، وبرأيه يجب أن تكون الموسيقا في كل مكان وعلينا أن ننشر خبرتنا بالموسيقا ونمنحها لكل الأشخاص.
وعبّرت عازفة البيانو ماريا نيمتسوفا عن سعادتها بالقدوم إلى سورية للمرة الأولى وبالعزف على مسرح الأوبرا فقالت: كنتُ سعيدة جداً بالعزف في دار الأوبرا وشعرتُ بمتعة كبيرة وأنا أتواصل مع طلاب البيانو في المعهد ومع الجمهور، وأتمنى عاماً سعيداً لجميع السوريين بعد سبع سنوات من الحرب.
ملده شويكاني