ثقافة

سناء بركات وحكاية عشقها لأغنيات زكي ناصيف

“وورودك تغريني بشهيات القبل، رائعة زكي ناصيف”أهواك” حضرت بصوت سناء بركات في دار الأوبرا مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله، وسط حضور كبير لمحبي رومانسيات مؤسس الأغنية اللبنانية القائمة على روح الفلكلور وأجواء الضيعة، لتنساب الألحان العميقة النابضة بإيقاع الحياة مع المفردات الشاعرية البسيطة التي نسجت بين معانيها حكايات حبّ للمحبوب وللإنسان والوطن، وفي المنحى ذاته لبركات التي أبدعت بتموجات صوتها وفق مقامات الغناء الشرقي التي بنى عليها ناصيف أغنياته، وبرقة تفاعلها مع الانتقالات الصوتية التي وظّفتها ضمن طبقة صوتها التينور، لاسيما أنها نوّعت بالغناء باللهجة المحكية واللغة العربية الفصحى، وتميّزت الأمسية بجمالية الألحان التي عكست خصوصية ألحان ناصيف التي وظّفت البيانو ضمن توليفة الآلات الشرقية وبتناغم هارموني بين الناي والبيانو بشكل خاص، والدور الكبير للإيقاعيات الشرقية وخاصة الدبكة، واعتماد ناصيف على آلة النفخ الخشبية “المجوز” التي حاكت أجواء طبيعة الريف اللبناني بوصف الطريق واللقاء والنسيم والورود. والأمر اللافت أن المايسترو فتح الله أدخل البيانو والأكورديون ضمن التوزيع الأوركسترالي كتلوين موسيقي في أغلب المقطوعات وقدم وصلة صولو للكمان –العازف جورج طنوس-، وصولو الناي –العازف إبراهيم كدر- وقدم تجربة جديدة للضربات الإيقاعية بين عازفين لتمثل اللحن الأساسي في مواضع.
أيضاً كانت ألحان ناصيف جامعة لكل الألوان الموسيقية فتراوحت بين الإيقاعية الحيوية الراقصة وبين الرومانسية الحالمة والقوية، ورغم جمالية الأغنيات التي غنتها فيروز لزكي ناصيف إلا أن الجمهور تفاعل أكثر مع الوصلة الغنائية التي قدمتها بركات لناصيف والتي غناها وديع الصافي منها” طلوا حبابنا طلوا”.
تألفت الفرقة الموسيقية من مجموعة الكمنجات والفيولا والتشيللو والكونترباص والإيقاع والناي والقانون والبيانو والأكورديون مع تنوع القفلات ودور الكورال الذي كان ناصيف أول من أدخله في التجديد الغنائي اللبناني في مرحلة الأربعينيات.

التصوير الشعري الموسيقي
بدأت الأمسية بافتتاحية للموسيقا الآلية لأغنية”يا عاشقة الورد” بإعداد موسيقي لجورج طنوس بُني على صولو الكمان له ومرافقة الفرقة بمواضع، لتبدأ بركات بصوتها الدافئ بأغنية “حبايبنا حوالينا”، وتماهت مع الجمل اللحنية ومفرداتها لاسيما ب”نسم يا نسيم علينا” وكان للبيانو دور واضح –العازفة راما نصري-مع الوتريات وضربات الإيقاع الخافتة والأكورديون- العازف وسام الشاعر- ثم الأغنية المتماوجة برقة صوت فيروز”ع دروب الهوى”، لتزداد الأمسية رومانسية ب”دقة ودقة مشينا” والتي أخذ فيها البيانو دور التلوين الموسيقي وبدا واضحاً حضور القانون- العازف عمران عدرة- وتوزيع داني حداد. لتنتقل إلى “ع بالي لاقيك يا قمر” ليتغير المسار اللحني والغنائي باللغة الفصحى بأغنية”أهواك” وبتوزيع ناريك عبجيان، وبالتأكيد كان لوقع المفردات تأثير على الموسيقا وعلى الحاضرين الذين عاشوا جمالية التصوير الشعري والموسيقي لناصيف في “أهواك بلا أمل” والتي تميّزت بالقفلة المتدرجة حتى السكون، لتنثر بركات الفرح في “حلوة ويا نيالها” توزيع داني حداد مع الضربات الإيقاعية القوية والقفلة الصادمة، وكان لصولو الناي المطول الذي كان أشبه بمقدمة موسيقية متماوجة بين ارتجالات المقام – العازف إبراهيم كدر-الذي سبق وقدم وصلة لأغنيات ناصيف غناها وديع الصافي أجملها”طلوا حبابنا طلوا” التي أبدعت فيها الفرقة لاسيما بالفواصل الإيقاعية المتناوبة للآلات والدور الأكبر للطبلة، لتنتهي الأمسية بروائع ناصيف الوطنية الحماسية التي تنسحب على كل الأوطان”بلدي حبيبي بتوزيع مهدي المهدي، ويا بلادنا مهما نسينا” يا هلا طلوا نجوم عم بيهلوا” وتميّزت بالتفريدات القوية لبركات “ياهلا”.

ناصيف يستحق التكريم
وسألتُ المغنية بركات عن التلوين الصوتي الذي أدته بغنائها؟ فأجابت بأن زكي ناصيف يجمع بين أنماط لحنية مختلفة، منها الألحان الرومانسية الرقيقة والألحان الإيقاعية الراقصة، وأوضحت بأنها تعشق أغنيات ناصيف وتشعر بقربها من روحها، وأرادت أن تؤديها بصوتها لاسيما أنه من الفنانين الذين يستحقون التكريم ووجهت له من خلال هذه الأمسية تحية من دمشق.

ملده شويكاني