ثقافة

“قصص لم ترو بعد”.. حكايات لوحات كتبت في دمشق وتروى في أثينا

تحتضن أثينا اليونانية في هذه الأيام معرضاً تشكيلياً بعنوان “قصص لم ترو بعد” لثمانية فنانين سوريين بدعوة من محافظة أثينا وبالتعاون مع صالة ألف نون للفنون والروحانيات والمنظمة العالمية للثقافة والتربية والعلوم (اليونيسكو) ومؤسسة مناس للفنون، والمعرض الذي يستمر إلى ٢ شباط المقبل يضم كل من الأخوين نعمت وبشير بدوي وسراب صفدي وأكسم طلاع وموفق مخول وجمعة نزهان وجان حنا وبديع جحجاح الذين تحمل لوحاتهم قصصا كتبت في دمشق وتروى في اليونان لتكون سفيرة الجمال السوري بأبهى صوره في مواجهة الحرب، وتنقله واقعاً وحقيقة لفنانين عشقوا وطنهم ورأوا فيه ملهماً للفن والإبداع.

يرسمون الأمل
وقد أشار بديع جحجاح مدير صالة “ألف نون للفنون” في كلمته الافتتاحية في معرض أثينا بأن البشر كلهم واحد، فنحن جميعاُ نعمل بجد ونتشارك ثقافاتنا المختلفة كي نكون جزءا من الدائرة الحضارية الإنسانية، لأنها بالمحصلة هي مجموع كل تلك الثقافات التي تشكل عالمنا اليوم ونحن نبتسم ونضحك ونبكي ونصلي ونتأمل بنفس اللغة التي تبوح بها قلوبنا، سواء في اليونان أو في سورية أو في أي مكان في هذا الكون، جميعنا مرتبطون مع بعضنا من خلال الروح التي تسكننا وتشع بالخير واللطف والجمال وتعتبر أن الإيمان والأمان والفرح هم الجسر لارتقاء الإنسان، مبيناً أن باقة من الفنانين السوريين الذين عايشوا تفاصيل الحرب اليومية، والتي لم تؤثر رغم قسوتها على أرواحهم ذات الجذور السورية النقية ظلوا يرسمون الأمل والحب والحلم والطفولة عبر إيمانهم العميق بأن الغد أجمل وأن الإنسان المجد والمحب والمنفتح سينتصر على كل ما هو متطرف ومغلق، ولا يشبه الطبيعة الأم والثقافة التي ينتمون إليها، مضيفاً: في هذا المعرض نتبادل الحب والأمل معكم على طول الطريق من دمشق إلى أثينا، وهما عاصمتان من الحضارات والتراث القديم الذي شكل العالم في الماضي، وأنا واثق بأنهم سوف يستمرون في رفد العالم بالنور والإلهام في المستقبل، وأمل جحجاح أن تحقق هذه الرحلة الفنية المتعة عبر اللوحات من القصص السورية التي لم يخبر بها أحد من قبل، لأنها قصص حقيقية عن الحياة في بلاد الياسمين التي من شأنها تغيير الطريقة التي تفكرون فيها عن سورية الآن، لافتاً إلى أن تلك اللوحات ستمنح طمأنينة وابتسامة من القلب إلى القلب، ويرى جحجاح بأن على الفنان أن يكون محباً شغوفاً متفاعلاً مع أصدقائه ويعتبر أن ما ينجزه الآخرون من جمال وحب هو مكمل لإنجازاته، وبأنهم جزء من عالمه، لأن القمح ينبت بينما يبقى الحب المسوس تحت الأرض خاتماً بالقول: اليوم هو معرض أثينا، وغداً إلى كل العالم من سورية.

سفراء بلادهم
ورأى الفنان المشارك أكسم طلاع بأن الفنان التشكيلي السوري وسائر المبدعين السوريين في الخارج، هم سفراء بلادهم بأعمالهم التي تعرض في متاحف ومنتديات العالم خارج حدود الوطن، وهو الصورة الأمينة عن مقولة الشعب السوري الحضارية والجمالية ورؤيته للحياة التي انتصر بها على الموت والحرب، مؤكداً أن ما تقوم به إدارة ألف نون ينصب في الجهد الترويجي للفن والفنان الذي يستحق بجدارة المبدع والمعايش لأسوأ نكبات الإنسانية وآلامها ألا وهو الحرب وويلاتها، ولم يجد بداً من الصمود في وجه آلة الدمار إلا إصراره على البقاء والحياة والحب حيث يعيش وينتمي، مبيناً أن هذه الكوكبة من الفنانين السوريين تمثل بعض تجارب التشكيل السوري الحاضر وقت الحرب والذي أنتج جمالاً أصيلاً يميزه مواكبته لصمود السوريين في وجه الإرهاب، وكذلك أوضحت الفنانة المشاركة سراب الصفدي بأن الفنان التشكيلي عادة ما يكون هو الأكثر “حساسية” لكل ما يجري حوله من فقر وألم وخراب، وما عشناه لم يكن سهلاً فنحن عملنا ضمن ظروف صعبة جداً وتواجدنا اليوم في أثينا هو رسالة نقول فيها للعالم أننا موجودون وصامدون ولن نتخلى عن وطننا، بل نحن نقدم فناً راقياً ونحول ألمنا إلى لوحات.

قصة فن
من جانبه كتب الفنان المشارك جمعة نزهان على صفحته الفيسبوكية قوله: يستمتع الشعب اليوناني بقصة من قصص الفن السوري التي كتبناها باللون وهي تحكي عن الحب والحرب والصبر والنصر التي عاشها الشعب السوري والفنانون التشكيليون بشكل خاص، فرغم الحرب والدمار بقينا نرسم ونحلم، لافتاً إلى أن الفنان بديع جحجاح مشكوراً تبنّى صفحات هذه القصة وحملها ليقرأها على الجمهور اليوناني لكي نتشارك الثقافة مع الشعوب الأخرى، ونكون جزءا من دائرة الحضارة الإنسانية، لأن دمشق وأثينا عاصمتان من الحضارات والتراث القديم الذي شكل العالم، وتستمران في رفد العالم بالحب والنور والإلهام، كذلك عبر الفنان موفق مخول على صفحته الفيسبوكية أيضا عن سعادته لتواجد لوحاته في أثينا بالقول “أكثر رواية أثرت في روحي هي زوربا اليوناني فقد غيرت كل تفكيري في الحياة، وأنا سعيد جداً لان لوحاتي تتنفس من هواء زوربا وقريبة من روحه فهو الذي علمني كيف أن الجنون هو الحب والأنثى هي الحياة، شاكراً الفنان الصديق جحجاح على مبادرته
لوردا فوزي