ثقافة

الفن التشكيلي سفيراً

أكسم طلاع

عرض الفنانون التشكيليون السوريون أعمالهم في فنزويلا في السنوات الأولى من الحرب بالتعاون مع الجالية السورية هناك، في رسالة لأصدقاء الشعب السوري أن الحرب التي يتعرض لها السوريون وتطال ثقافتهم وإنسانهم، هذه الحرب الظالمة والعاتية بأدواتها لن تطال من صمود السوريين وحضارتهم، وسيبقى الزرع للثقافة والجمال قويا وحاضرا ومعين نصر لابد منه، وقد لعبت وزارة الثقافة دورها في هذا المعرض من خلال التواصل مع الجهات المعنية بإقامة هذا المعرض وتنظيمه ودعوة الفنانين للمشاركة فيه، إلا أن تلك الخطوة لم تستثمر بالشكل الأمثل وتحقيق المرجو من دور الفن في الجانب الإعلامي والتسويقي وفي تظهير الصورة الحقيقية والجميلة لبلاد تصر على الحياة وتستحق، كما لم يتبعها أي خطوات في الخارج ما عدا بعض المعارض الفردية لبعض الفنانين المروّجة أعمالهم هناك, وقد عانى أغلب الفنانين من عزلة فرضت عليهم لعدم قدرتهم العرض في تلك البلاد، بينما ظهرت فقاعات مشوهة تم توظيفها من قوى لا تريد خيرا بالبلاد، وقدموها نموذجا للفن التشكيلي السوري، وبدلا عما هو موجود في الوطن، كما حملوها بياناتهم السياسية وأدخلوها في ألاعيب المؤسسات الدولية والخيرية ودهاليز التكسب المالي والسياسي، كل ذلك يحصل  بينما الفنان السوري الحقيقي لا زال في البلاد يرسم وينتج ويشارك في المعارض ويخسر بفعل الحرب ويتألم، فهو لا يملك أي خيار إلا البقاء وما تبقى من حواس جميلة تحرس لروحه الأمل وتشد عزيمة الحياة فيه.

في هذه الأيام يقيم الفنان بديع جحجاح ومدير صالة ألف نون للفنون الجميلة معرضاً في أثينا، وقد حمل معه أعمال بعض التشكيليين السوريين، وكم تابع الفنانون بإعجاب وتقدير هذه المبادرة، كما أبدى البعض استعدادهم للمشاركة في أي جهد آخر خارج حدود الوطن دعما لصورة البلاد الوضاءة التي أنهكت ألقها الحرب، والخطوة نحو الرأي العالمي الذي تورطت حكوماته بدمائنا، ودمر مشعوذيه بعض من آثارنا ومفردات حياتنا وتاريخنا، فالعمل الثقافي رديف للسياسي ومعين له وأحد  أدوات النصر العميقة التي تفرض علينا استخدامها في كل المحافل، والمأمول اليوم من مؤسساتنا الوطنية المعنية بالشأن الثقافي والتشكيلي تنشيط هذه المبادرات واستكمال الناجح منها، وفتح قنوات في جدار الحصار الذي حاولت أن  تفرضه  القوى المتورطة بدمنا، ونجعل من حصارهم عزلة لثقافتهم وحروبهم، فلا حدود أمام الموسيقا واللون والغناء، فالمدى المجدي للفنون أبعد من رصاصهم ونستحق الحياة.