ثقافة

“الفن الإيراني المعاصر”.. يزور دمشق في أبهى صورة

حل الفن الإيراني بأبهى صوره في الأيام الماضية ضيفاً جميلاً و”عزيزاً” على ساحة المشهد التشكيلي السوري ليكون سفيراً للسلام والفن، ولأجل توطيد العلاقات الثقافية الإيرانية السورية وتعريف الشعب السوري بهذا الفن عبر نماذج فنية مختلفة لخمسة من الفنانين الإيرانيين، حيث احتضنت صالة الشعب على مدى ستة أيام معرض “الفن الإيراني المعاصر” بمناسبة الذكرى الـ 39 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وقد أشار السيد محمد هادي تسخيري الملحق الثقافي الإيراني بدمشق بأن الفن هو لغة البشرية جمعاء التي لا تختص بشعب أو بلد بحد ذاته، بل هو لغة عالمية يفهمها الجميع عندما يقدم الرسام عملاً فنياً ضمن صورة جمالية يتذوقها جميع من يراها، وأضاف: كما يضحي البعض بدمائه نجاهد  نحن بالقلم والفن ونحاول توطيد العلاقات الإيرانية السورية بواسطة الفن، عبر لوحات فنية جميلة لأساتذة إيرانيين في مجال الخط والرسم والغرافيك والكاريكاتير، وهم فنانون لهم تجارب كبيرة في عالم الفن ولكل منهم تجربته الخاصة والمختلفة عن الآخر، ونوه إلى أننا من خلال اللقاءات مع الفنانين السوريين استفدنا من تجاربهم ونرغب بتنفيذ أعمال فنية مشتركة.

 

منمنمات إيرانية

وبوجود المترجم د. محمد فراس الحلباوي الذي كان صلة الوصل مع الفنانين الإيرانيين أوضح الفنان محمد علي رجبي بأن هذا المعرض هو مدعاة للتقارب بين الفنانين في سورية وإيران، وكما تعلمون للفن (ظاهر وباطن) والباطن هو الذي يتم التجاذب عليه بين الثقافات العالمية، لافتاً إلى أن الغرب أدرك أنه قد تحرك بشكل أحادي الجانب وليس بشكل متبادل لذلك بحث عن لغة إنسانية مشتركة بين المجتمعات البشرية، لأن الفن هو لغة الشعوب جميعاً، فبدأ بالاهتمام بدراسة عدة محاور أساسية للفنون، وخاصة تلك النابعة من الفطرة الإنسانية، وكذلك بالفنون الشرقية ومنها الإيرانية (فن المنمنمات الإيرانية) وهو من أهم الفنون التي تتماهى مع الفطرة الإنسانية وميزته الرئيسية أنه يقدم الجمال- حتى القبح يقدمه بحلة جمالية- وهذا ما يجعله مختلفاً عن الفن الغربي، فهو يتحدث عن أحزان وأفراح الإنسان بلغة مليئة بالأمل ولذلك يمكن أن يكون هذا الفن حالة منتشرة في كل العالم ويخلق ارتباطات مع المجتمع تنسجم مع كل زمان.

الحروفية

وفيما يخص الفن الحروفي أكد الفنان علي تن  بأنه مثل باقي الفنون التي تتحرك نحو التطور فهو مزيج حروف وكلمات يتم تطبيقها على عناصر الفن التشكيلي، وإن كان الخط  له حدود لا يمكن تجاوزها  فإن الحروفية تمنح الفنان مطلق الحرية للتعبير عن ذاته في فنه ولوحاته، وأوضح أنه في فن الخط الكلاسيكي القديم هناك حالة مباشرة، إذ يصل الفن للمخاطب دون حاجة لإعمال الفكر، وهو عبارة عن تركيب ومزج جماليات الخط مع البعد الأدبي، بينما الحروفية هي لغة عالمية تستطيع أن تتحرك خارج أطر الفن الكلاسيكي للخط وترتبط بثقافات عالمية.

وبيّن الخطاط حسين شيركوند بأن خط “النستعليق” الفارسي مر بمجموعة تطورات حيث أسس”الميرعماد” دعائم الخط وأوصله لذروته ونظم أمره وجعله في هذه الحلة، وبعد وفاته انحدر مستوى الخط ولم يظهر بعده أحداً مميزاً، إلى أن عاد ودخل مرحلة ازدهار جديدة ولاسيما مع ظهور الأبنية التي تحتاج لزخرفات، ومع عصر النهضة والطباعة ظهر “محمد رضا” وبدأ عصر جديد لخط النستعليق مع التطورات التي أضافها وكذلك أضاف “أمير خاني “تطورات على الحروف فباتت أصغر.

الفن المقاوم

وميز الفنان رضا شعباني بين الغرافيك التجاري الذي له أبعاد تجارية والغرافيك الثقافي الفني، فالغرافيك الذي يرنو لكسب المال يستطيع المبدع فيه أن يكذب ويقنع المشاهد أنه فن جميل وعليه امتلاكه، بينما الفنان الغرافيكي الذي ينحو منحى ثقافياً لا يمارس الكذب لأنه مسؤول تجاه ما يحصل حوله وما يجري في بلده ولاسيما في حالة الحرب فهو يشعر بمسؤولية ولا يقف مكتوف الأيدي، وبيّن أنه هنا يبرز الفرق بين الذي يبحث عن تصريف أعماله وبيعها فقط، وبين الذي لديه ردة فعل لما يحصل حوله مثل (الفنان الثقافي والثوري وفنان المقاومة) الذي يدرك الأزمات ولا يبقى محاطاً بسياج الصورة والشكل بل يستجيب للنداء الداخلي في قلب البشر.

 

كاريكاتير

كذلك رأى الفنان أحمد رضا بيضائي بأن فنان الكاريكاتير هو شخص سياسي بالدرجة الأولى وبعض الفنانين المختصين فيه يطلق عليهم لقب “ناشط سياسي” مثل الفنان الفلسطيني ناجي العلي، واوضح أن الكاريكاتير ترافق مع النشاط السياسي منذ بداية ظهوره في الصحف الأوروبية التي كانت تنهل من المضامين الموجودة، أما في إيران، فبداية هذا الفن كانت مترافقة مع الحركة الدستورية التي ظهرت في الصحف، ولها بعداً سياسياً إذ تماهت مع الثورات الاجتماعية، وأكد أن جميع من اختص في هذا الفن له موقف سياسي واضح، واليوم نحن نملك في إيران “دار الكاريكاتير الإيراني” وهو يعلن عن مسابقات على الدوام لها علاقة بالمقاومة ضد الصهيونية.

لوردا فوزي