اقتصادصحيفة البعث

“الزبون” وذهنية “العام”..!.

ثمة إشكالية لم تستطع العديد من جهاتنا الحكومية تجاوزها بعد، رغم أن تجاوزها يشكل  بعداً حضارياً ومادياً لا يستهان به…وتتمثل بعدم قدرتها على الارتقاء بآلية تقديم خدماتها، خاصة تلك التي تتقاضى لقاءها رسوماً ليست بالقليلة..؟!.

فلا يزال مفهوم “الزبون” كمحور أساسي معني بتقديم هذه الخدمة أو تلك، غير متبلور في ذهنية هذه الجهات غير المكترثة بالتعامل معه بفضاضة أو لا مبالاة، علماً أن “الزبون” ووفقاً لما هو متعارف عليه عالمياً يجب إرضاؤه بكل السبل، مع الإشارة هنا إلى أن هذا المفهوم يعتبر بشكل أو بآخر مصدر دخل لهذه الجهات..!.

فمن يذهب لتسديد ما يستحق عليه من التزامات مالية لقاء ضرائب أو رسوم معينة في أحد الدوائر المالية، أو تسديد أقساط قرض لدى فروع أحد المصارف، أو حتى الحصول على وثيقة رسمية مقابل رسم ليس بالقليل كما هو حاصل في مركز خدمة المواطن في محافظة دمشق لاسيما لجهة التأخر بتقديم الخدمة المطلوبة…إلخ، فإنه لا يلقى تلك السوية من الخدمة الموجودة في القطاع الخاص..!.

لم تستطع العديد من مؤسسات جهاتنا العامة للأسف مواكبة رضا الزبائن أو رضا العملاء، خاصة تلك الاقتصادية التي لها نظير في القطاع الخاص كالمصارف والشركات المعنية بتقديم بعض خدمات الاتصالات والانترنت، إضافة الشركات الصناعية الإنتاجية وغيرها، إذ نلاحظ أن القطاع الخاص أكثر مرونة من نظيره العام تجاه تعاطيه مع رضا زبائنه وتكريسهم كزبائن دائمين له كفيلين بالحفاظ على استمرارية نشاطه وتطويره بشكل مستمر..!.

طبعاً هذا الأمر له الكثير من الأبعاد المرتبطة بالرؤية المستقبلية للمنافسة من جهة، وبتأهيل الكوادر وتدريبها على الاحتراف بسوية تقديم الخدمة من جهة ثانية، وهذا يضع مؤسسات القطاع العام خاصة تلك المعنية بالتعاطي المباشر مع المواطنين بصفتهم “زبائن”، على محك إعادة النظر بمنهجها العام حتى لا تخرج من الخدمة وتخسر “زبائنها” الحاليين والمحتملين.

يبقى أن نشير إلى أن بعض الدراسات الخاصة برضا الزبائن تفيد بأن ثمة علاقة وثيقة بين رضا الزبائن ورضا الموظفين، حيث إنّ حصول الموظف على كامل حقوقه المادية والمعنوية يزيد من حبه لوظيفته وولاءه لعمليه، ويزيد كذلك من دافعيته للعمل، مما ينعكس إيجاباً على أداءه المهني وإنتاجيته الكمية والنوعية، ويزيد من رضا الزبائن عن هذه المخرجات.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com