اقتصادصحيفة البعث

المستثمرون ينتظرون ويسألون حول قدرة قطاعنا التأميني على “التأمين الاستثماري” وزير المالية يكشف لـ”البعث” عن إعادة هيكلية للقطاع تلبي متطلبات “السين والسوف”.. تُصاغ بعيداً عن الإعلام؟!

 

كشف العنوان وفضل عدم الخوض فيه إعلامياً، وإنما العمل على مضامينه بعيداً عن سمعه وبصره، هذا ما أوجزه لنا وزير المالية الدكتور مأمون حمدان، مكتفياً بالقول: إن هناك إعادة هيكلة لقطاع التأمين، إعادة ووفقاً لرأي الوزير سيكون لها منعكسات إيجابية على القطاع برمته، ما سيمكنه من تلبية متطلبات التأمين التي تحتاجها مرحلة إعادة الإعمار في سورية.
اكتفاء حمدان بالكشف عن “الهيكل” أثار حفيظتنا الصحفية كي نبحث عن معلومات متصلة، علنا نكسو بها ذلك الهيكل، في خطوة لتظهير ما يجري العمل عليه حالياً في هذا الشأن، وذلك بهدف إتاحة المجال لمن يود الدلو بدلوه من مختصين وخبراء تأمين وأصحاب مصلحة من شركات ومستثمرين، فيما يُحضَّر ويُعدُّ من قبل “الدائرة التأمينية” الموكلة بجعل هذا القطاع على قدر الأهمية المأمول منها تأمينياً واستثمارياً وعائدية.
ولأننا نختلف مع الوزير حول ما يُفضِّله من كتم للمعلومة عن الإعلام، خاصة وأن مثل هكذا معلومات (وبما تشكله وتعنيه من رسائل تأمينية ينتظرها الكل، مواطنين ومستثمرين ورجال مال وأعمال..) تكتسب ثقلاً ومصداقية أكبر وأكثر تأثيراً حين تصدر عن عضو هام في الحكومة.
ومن منطلق له ما أرد ولنا ما نريد..، سعينا لتلمس ما يعد ويطبخ من إعادة للهيكلة، فأفلحت محاولتنا وحصلنا على ما يستحق النشر.

توفر التغطيات..؟
مصدر تأميني مطلع أكد لـ”البعث”، أنه ونتيجة استعداد الحكومة للمباشرة الحقيقية بعملية إعادة الإعمار، فإن أغلب المستثمرين يتساءلون حول قدرة قطاع التأمين السوري على توفير التغطيات التأمينية، خاصة في ظل حالة التهيؤ لدخول الاستثمارات والأموال إلى سورية، مبيناً – وكما هو معروف- أن الاستثمارات والمستثمرين في مثل هكذا أوضاع يحتاجون ويبحثون عن التأمين، أكثر بكثير عما يكون عليه الوضع في الحالات الطبيعية.

تتهيأ للعودة
وكشف عن أن هناك دراسة يجري إعدادها لأجل هذه الغاية، لاسيما وأن شركات التأمين العاملة في سورية تتهيأ لإعادة تشغيل فروعها ومكاتبها في المناطق المحررة كدير الزور مثلاً، حيث مشاريع إعادة الإعمار هناك تتطلب تغطيات التأمين وإعادة التأمين، بعد حصر وجرد الأضرار التي لحقت بها في المحافظات.
كما كشف أن الهيئة العامة للإشراف على التأمين باشرت بإعداد دراسة متكاملة وشاملة لكل الشركات ولفروعها وسيكون لها جولات ميدانية على مختلف المحافظات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تلك الدراسة ستشمل حتى المحافظات والمناطق الساخنة كإدلب ومعرة النعمان مثلاً، وسيكون هناك ملتقى تأميني كبير في حلب، ستشارك به الشركات العاملة في مجال التأمين وغير التأمين من داخل سورية وخارجها.

الانتشار الجغرافي
وفي إطار جمع المعلومات اللازمة لخطة إعادة الهيكلة تتابع الهيئة حالياً الموضوع، وقد حصلت على إحصائيات من كافة الشركات الخاصة وحتى المؤسسة السورية للتأمين، حول تواجدها في السوق والانتشار الجغرافي لأعمالها وتغطياتها (الحصيلة الأولية بينت أن عدد الشركات العاملة 13 بما فيها المؤسسة، وهناك 29 فرعاً ومكتباً لها..)، وأعداد العاملين والموظفين العاملين في كل شركة وفي كل المحافظات (لا يقل عدد الموظفين في كل فرع أو مكتب عن 3 أفراد بحسب تعميم جديد للهيئة)، فمثلاً هناك شركتان في درعا ولكنهما مغلقتان، وهناك 10 شركات في حلب لكن العاملة منها كانت في مناطق سيطرة الدولة قبل تحريرها.

جديد المحاكم والمجالس..؟
وعلى التوازي مع ذلك تتابع هيئة الإشراف على التأمين موضوع المحاكم التأمينية، التي لا تزال حتى تاريخه دون تفعيل علماً أن وزارة العدل تعمل على إنجاز هذا الأمر عبر تأهيل قضاة مؤهلين لهذا الاختصاص.
كما وتعمل الهيئة حالياً على إعادة هيكلية مجالس إدارات شركات التأمين العاملة في سورية، خاصة وأن أغلب أعضاء تلك المجالس يقيمون خارج سورية، ولذلك فالتوجيه حالياً وفقاً لتعليمات رئاسة مجلس الوزراء، بلزوم انعقاد اجتماعات تلك المجالس في سورية، سواء بأغلبية أعضاء مجلس الإدارة أو بمن يمثلهم، وطي ما كان سابقاً حيث كانت كل الاجتماعات تعقد خارج سورية.
هذا وكانت الهيئة أيضاً قد وجهت نهاية 2017 تعميماً إلى كافة الشركات، يقضي بأن تقوم الأخيرة بتشكيل لجان وفقاً لنظام الحوكمة (لجنة الاستثمار، ولجنة التدقيق الداخلي للشركات، اللجنة المالية..)، وذلك بهدف تفعيل مجالس الإدارات.

حدود سعرية
ومن ضمن استراتيجية الهيئة قيام المؤسسة السورية للتأمين بإجراء دراسة العقود السابقة، إضافة إلى أن هناك أفكاراً جديدة مطروحة للدراسة، ومنها وضع حد أدنى للتأمين الصحي (تجري مناقشته في لجنة التأمين الصحي العليا برئاسة مجلس الوزراء)، أو وضع حدود دنيا لخسارة المحفظة ككل. كما وهنالك دراسة لإحداث قسم في مديرية الشركات مهمته دراسة السعر للمنتج التأمين، وذلك بهدف الحد من مكامن الخلل وبالتالي الخسارة، ووضع حد أدنى لسعر المنتج التأميني.

بعيداً عن
وبالنسبة لمحفظة التأمين الإلزامي على السيارات، فتركز الهيئة حالياً على (ترميم القضايا السابقة)، حيث ستقدم الهيئة للشركات مقترحاً مفاده أن يتم تسوية تلك القضايا والمطالبات في الشركات نفسها والمنطقة نفسها، دون إعادة فتحها بالمحاكم.

بكلمة
مع أننا ننظر بكثير من الحسبان للأسباب الموضوعية التي حالت دون أن يكون لنا بناء تأميني مكتمل الأركان ويقوم على أسس وأنظمة متينة وواضحة وشفافة، لكننا نرى بأننا تأخرنا كثيراً ليس بترميم قطاع التأمين، بل بإعادة هيكلته التي نعرف الجدول الزمني الكفيل بإنهائها، ولعل السرعة هنا مطلوبة، خاصة بعد سنوات من الإعلان إعداد قانون جديد للتأمين هو الآخر لم ير النور أيضاً، وكلنا يعلم ما يعنيه وجود قانون..، فكيف والحال هذه التي دخلنا فيها بإعادة للهيكلة لا نعلم إن كانت ستؤتي أوكلها في الوقت والمكان المناسبين، حيث عيون الاستثمار تترقب..!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com