صحيفة البعثمحليات

حليب الأرانب!!

لا يمكن لخبر البدء بإنتاج حليب الأرانب ذات الجين البشري واستخداماته العلاجية لأمراض الاضطراب النفسي والسكتات الدماغية.. أن يمر مرور الكرام بالنسبة للمواطن السوري الذي يتعطش لشرب هذا الحليب العلاجي وإنقاذ نفسه من حالات مرضية عديدة بعد أن تجرع ويلات الحرب وتداعياتها المختلفة وألف خيبات الأمل بفرق الإنقاذ الحكومي بتسمياتها الاستشارية ولجانها الدائمة ومجالسها العليا التي يدعو البعض إلى إحيائها وإنعاشها من جديد رغم أنها لم تخرج خلال دورتها الحياتية من قوقعة العمل الروتيني والتعقيدات مثلها مثل تلك المؤسسات الصناعية التي كانت وعلى مدار السنوات الماضية حلقة معطلة في العمل الصناعي بل وتتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن انتكاسات القطاع العام الصناعي.
استذكار تجربة المجالس العليا والمؤسسات الصناعية العامة والدخول على خط إنجاز هذه الهياكل الإدارية يشكل مدخلاً هاماً للبحث في واقع المنظومة الاستشارية التي عششت في المكاتب المختلفة وتكاثرت وتناسلت هيئاتها في العديد من المؤسسات بالرغم من  التساؤلات التي تُحيط كفاءة هذه المنظومة الاستشارية المانحة “للمعلومة الصحيحة” بالشك والتحفظ على مهامها والكثير من رؤاها التي مهدت الطريق أمام العديد من الانتكاسات الحقيقية التي يعيش المواطن تبعاتها وأزماتها المتعددة.
وبغض النظر عن المزايا التي يحصدها لقب مستشار وبالتركيز على الرؤية المهنية والعلمية والخبرات المتميزة التي تؤهل لحمل هذا اللقب نجد أن الكثير من المدرجين ضمن هذا العمل يخضعون لمعايير المجاملة لصديق أو قريب أو زميل بوضعه مستشاراً، خاصة أن الكثير من المستشارين هم من المسؤولين أو المديرين السابقين الذين لم يوفقوا في إدارة وإنجاح مؤسساتهم.
إذاً قد تكون فكرة المطالبة بإنتاج حليب الأرانب محلياً غير واردة كباقي الأفكار الاستشارية، ولكنها بكل تأكيد تنشط هرمون البحث عن أفكار استثمارية جديدة لكل ما هو موجود ومتاح تحت عنوان “ثروة وطنية” كما أنها لا تتعارض من حيث المضمون والهدف مع الدعوى لتوحيد العمل الاستشاري في مؤسسة شاملة بعد إعادة النظر ببنية المنظومة الاستشارية المتكاثرة بطريقة عجيبة غريبة وبما تنتجه من عصارة فكرية عقيمة النفع، هذا مع الحرص على عدم تجاهل أو تغييب فرضية الخطأ في تقييمها والحكم بأنها لم تلعب أدواراً مهمة في دفع العمل العام نحو تحقيق مزيد من النجاح، ولم تحدث فرقاً كبيراً في مسيرة أي قطاع مع غياب تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة والشفافية عليها، وبقيت تعمل بنفس التكتيك خلال الحكومات المتعاقبة  بخط مواز لرغبات السلطة التنفيذية دون أي تصحيح أو فائدة علاجية، ولذلك لم تكن بالقوة والفعل المطلوب ولم تحمل معها فائض القيمة الذي أسست من أجله في توجيه مسارات العمل الحكومي بشكل صحيح نحو مصلحة الناس ولم توفق أيضاً في إدارة المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين كافة، والحديث هنا لا يخص أشخاصاً بل منظومة استشارية كاملة..؟!
بشير فرزان