اقتصادصحيفة البعث

أفرز حالة من الحراك الاقتصادي تتطلب تدعيمها بأسس لوجستية معرض “صنع في سورية” يغطي ما نسبته 80% من أعمال منتجي قطاع النسيج والألبسة

 

أفرز معرض “صنع في سورية” التخصصي للألبسة والنسيج حالة الذي أقيم مؤخراً، حالة من الحراك الاقتصادي، مما يستوجب بالضرورة العمل على توسيع مدى هذا الحراك والحرص على تكريسه المستمر من خلال تدعيم المقومات اللوجستية المساعدة له، إذ إن مجرد زيارة 800 رجل أعمال وتاجر من عدد من الدول العربية والإقليمية إلى هذا المعرض يعني فيما يعنيه إشغالاً فندقياً، ضخ قطع أجنبي في السوق المحلي ولو نسبياً، والأهم إبرام عقود تصديرية وما يتبعها من تحريك لوسائل الشحن.

تغطية
ويبين رئيس اتحاد المصدرين السوري محمد السواح لـ”البعث” أن العقود التصديرية التي أبرمت خلال هذا المعرض الذي شاركت فيه 300 شركة وطنية تغطي أعمال 80% من المنتجين المحليين من قطاع الألبسة والنسيج طوال الموسم الحالي، إضافة إلى أن قطاع السياحة العلاجية شهد تحسناً ملحوظاً خاصة “التجميل وطب الأسنان”، ناهيكم عن مسألتي الإشغال الفندقي وضخ القطع الأجنبي في السوق المحلية سواء المرتبطة مباشرة في فترة المعرض، أم غير المباشرة والناجمة عن السياحة العلاجية المتوقعة بعد المعرض، فضلاً عن الزيادة المرتقبة لحركة الشحن لتنفيذ هذه العقود.

صيغ متعددة
ويبرز لدينا في هذا السياق أمران لوجستيان يستوجب العمل عليهما بالتوازي مع التوجه الحكومي نحو اعتماد المعارض الداخلية والخارجية كرافعة لركن التصدير الكفيل بتمتين القاعدة الإنتاجية وتكريسها كقاطرة للنمو، خاصة بعد أن حققت المعارض نجاحات وسعت من رقعة المنتجات السورية في عدد من الأسواق الخارجية، تتمثل الأولى بإعطاء مزيدً من الزخم لقطاع الشحن الجوي الذي أدى دوراً ملحوظاً في العملية التصديرية خاصة بعد معاودة انطلاق معرض دمشق الدولي بنسخته التاسعة والخمسين، وهنا يمكن الحديث عن صيغ متعددة لإحداث شركة طيران متخصصة بالشحن الجوي، إما أن تكون مملوكة بالكامل للحكومة، وإما أن يتم تأسيسها كشركة مساهمة عامة من قبل قطاع الأعمال أو شركات ومكاتب الشحن.

عامل مساعد
وتتعلق الثانية بالتوسع بقطاع الفنادق كونه عاملاً مساعداً على سياحة رجال الأعمال وما يمكن أن تتمخض عنه من صفقات تجارية سواء خلال المعارض أم من دونها، وقد برزت الحاجة لهذا الأمر جلية خلال معرض دمشق الدولي، ولعل المفارقة أنه في وقت يقتصر القطاع الفندقي في سورية عموماً وفي دمشق خصوصاً على بضع فنادق من سوية الخمس نجوم لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، تزخر عواصم بعض الدول المجاورة التي لا تمتلك ما تمتلكه سورية من مقومات إنتاجية وتجارية وحتى سياحية بأضعاف مضاعفة من سلاسل فندقية عالمية.

سبب جوهري
ثمة سبب جوهري دفعنا لوضع مسألتي “شركات الشحن الجوي، وقطاع الفنادق” ضمن دائرة الاهتمام، وهو استشراء الحديث عن التصدير كحالة صحية في أوصال اقتصادنا الوطني –كما سبق لنا أن أشرنا في أكثر من مناسبة- سواء على الصعيد الإعلامي إذ حجز “التصدير” كمفهوم عام مكاناً ملحوظاً له –خلال الفترة الماضية وتحديداً بعد انتهاء فعاليات الدورة الـ59 لمعرض دمشق الدولي- في عناوين الصحف، وأخبار الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني، أم على صعيد العمل الحكومي كله، خاصة بعد تكليف وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية، والصناعة نهاية العام المنصرم بمراجعة قائمة المستوردات الحالية، ووضع برنامج متكامل ومدروس لإحلال بدائل للمستوردات، ليكون هناك صناعات محلية بديلة في تلك القطاعات، مما يخفف من الاستيراد عبر إنتاج هذه الصناعات محلياً، وبهدف تعزيز العملية الإنتاجية وتوسيعها لتشمل مختلف أنواع المنتجات ولا سيما المستوردة، مما يعني ستقليص حجم المستوردات في خطوة يعول عليها بأن تكون لصالح الصادرات في مرحلة لاحقة، وذلك في إطار توجه اقتصادي لاستعادة زمام التصدير كخيار استراتيجي، بناءً على معطيات إنتاجية ترفع معدلات النمو وتساهم بترميم مراكز القطع.
إضافة إلى القرار الصادر عن وزارة الاقتصاد المتعلق بخطة المعارض الخارجية لعامي 2017 – 2018، والذي أوجد صيغة عمل تكاملية بين الفعاليات المعنية بتنظيم المعارض الخارجية، إذ حدد هذا القرار أن تنظم المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية بالتعاون مع هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، واتحاد المصدرين، واتحاد غرف التجارة السورية المشاركة في أجنحة الجمهورية العربية السورية في المعارض الخارجية المزمع إقامتها في الفترة المذكورة، وتشمل هذه المعارض أسواق بيع في 11 دولة عربية وأجنبية، ومعرضين زراعيين في الجزائر ومصر، و9 معارض دولية في عدد من الدول العربية والأجنبية، وتجلت باكورة هذه الخطة في معرض بغداد الدولي وما حققه من نتائج مرضية بتصدير 100 طن من منتجات 20 شركة شاركت في المعرض. إلى جانب خطة المعارض الداخلية التي تتضمن إقامة نحو 30 معرضاً في مدينة المعارض، وبالتالي فإن هذا التوجه نحو تفعيل المعارض الداخلية والخارجية يستوجب العمل على تكريس مسألتي “الشحن الجوي، والفنادق” كأساس لوجستي مساعد على العملية التصديرية.
حسن النابلسي