ثقافةصحيفة البعث

“غرافيك” في مكتبة الأسد

أكسم طلاع

يقام حاليا في مكتبة الأسد معرض لأعمال فن الغرافيك السوري لعدد من الحفارين السوريين الأساتذة والمميزين والشباب، أكثر من ثلاثين لوحة منفذة بتقنيات الحفر المتنوعة وهي من مقتنيات وزارة الثقافة التي تسعى من خلال هذا المعرض الاستعادي الاحتفالي تسليط الضوء على هذا الفن الجميل وتاريخ حضوره الفعلي،  الذي بدأ في بداية الربع الأخير من القرن الماضي وتعمق نتاجه على يد عدد من الأساتذة المؤسسين – الأخرس وحماد ومن بعدهم غسان السباعي وعلي الخالد ونبيل رزوق وطلال العبد الله، هؤلاء المدرسين في كلية الفنون الجميلة إضافة لمحاولات مبدعة لتجارب أثبتت طليعيتها في هذا المجال – محمد الوهيبي ومصطفى الحلاج وعز الدين شموط، وقد يتبادر لذهن البعض أن فن الحفر هو ذالك الفعل المقرون بأعمال الحفريات بالأزاميل على الخشب وغيرها، وقريباً من النحت، لكن الأمر مختلف كثيراً عن هذا التصور إذ يحضر الفنان الخامة الأساس التي تحمل الرسم ودرجة اللون المراد، ومن ثم يقوم بطباعة العمل على الكرتون أو الورق وتحفر هذه الصفائح المعدنية بالأحماض أو بالمنقاش، وتعالج بطريقة حساسة جداً ويدوية بحيث يعطي كل تهشير على السطح درجة من الحضور واللون، وكذلك في أعمال الشاشة الحريرية وأعمال القوالب في الطباعة الحجرية والخشبية، والغاية هي الحصول على أكبر عدد من النسخ التي ترقم بالتسلسل، وتعطى النسخ الأولى القيمة الأكبر وتنخفض قيمة العمل كلما ازداد عدد النسخ وتوسع انتشارها مما يعني انخفاض الجودة، لأن الكليشة لها قدر من احتمال النسخ عنها تتراجع بالكثرة سطوة الفنون لأن من القيمة المستحقة للعمل الفني ندرته.

إن أعمال الغرافيك تدخل في مجال الفنون اليدوية القديمة ودخلت في مجالات الإعلام والطباعة والترويج، واليوم بتوفر التقنيات الحديثة أضحت القيمة الأولى للموضوع أكثر أهمية مما يعتقد، خاصة في عالم الميديا وأدوات التعبير الجديدة، إلا أن هذا الفن له فلسفته القائمة على التعبير والتأثير أكثر مما تقوم الفنون الأخرى بالذهاب إلى التزيين والدهشة واستثمار لغة اللون، بينما للخط والتهشير قيم أبلغ في فن الحفر، فضلاً عن عائلة محددة من الألوان وكثير من القيم والدرجات التي تفعل فعل العاطفة في النفس.. إنها لغة الحفر البليغة القائمة على فلسفة تتعاطى مع الزمن كعامل إبداع وذاكرة متجددة، تحية للقائمين على هذا المعرض وبانتظار خطوات أخرى يرى جمهورنا مقتنيات وكنوز وزارة الثقافة التي تكتظ متاحفها ومستودعاتها بهذه الآثار الغنية لفنانينا المبدعين.