تحقيقاتصحيفة البعث

الفيزيائي الصغير.. مشروع لتنمية مهارات الأطفال

بسعادة بالغة، تلقى الطفل أحمد، طالب الصف الثالث، هدية أحد أقربائه بعد أن حدثه عنها مراراً، ووعده بأنها ستكون هدية انتهاء الفصل الدراسي الأول، والهدية كانت عبارة عن كتاب غير تقليدي، يحمل عنواناً مغرياً لأي طفل يحب التجربة والاستكشاف، وهو: “تجارب فيزيائية اصنعها في منزلك”، وبفضول، وحب دائم للاستطلاع والتجربة، يبدأ الطفل بتقليب صفحات الكتاب باحثاً عن تجارب سهلة ممكنة التنفيذ والتطبيق، وينفذ إحداها بتباه أمام والديه، وهي تجربة نفخ البالون بالاعتماد على الخل، ومادة الخميرة أو “البيكنج باودر”، حيث توضع مادة الخميرة داخل البالون، في حين يملأ الخل بقارورة بلاستيكية، وعند وضع البالون على الفوهة يمتلئ بشكل تلقائي نتيجة التفاعل الحاصل بين المادتين، كذلك يقوم الطفل بتجارب أخرى بعضها مسل، وبعضها الآخر يحمل قدراً كبيراً من الفائدة والتعليم، ومن المؤكد أن تجارب كتلك تنمي حس الموهبة والمعرفة التي يبحث العديد من الأهالي عن تنميتها عند أطفالهم، فماذا حين تخرج تلك التجارب من الإطار النظري إلى التطبيق العملي، وهو ما بدا أنه مشروع بدأ فعلياً عند بعض المهتمين من المتطوعين والمدربين، حين قاموا بتأسيس ناد حمل اسم الفيزيائي الصغير في مدينة صحنايا بدمشق.

حقوق للطفل

“من حق الطفل أن يتعلّم، كما من حقه اللعب، والعيش في بيئة آمنة”، تؤكد حلا أحمد، وهي من القائمين على مشروع نادي الفيزيائي الصغير، هذه الحقوق للطفل، وتضيف: هذه الحقوق بمجملها تجتمع ليحصل عليها الطفل في نادي الفيزيائي الصغير، وهو المقام في مركز أنشطة التنمية التابع لمشروع بداية في جمعية نور للإغاثة والتنمية، ويعد النادي الأول من نوعه في منطقة صحنايا ومحيطها، وكان ملفتاً الإقبال الكبير الذي شهده من الأطفال، والاستحسان والثناء الذي وصلنا من قبل الأهالي، أما عن الأنشطة التي تنفذ هناك، فتقول أحمد إنها أنشطة تفاعلية ومتنوعة، حيث تتضمن فقرات متعددة، كفقرة عالم اليوم، وفقرة fun fact، وفقرة الفيلم القصير، أما الفقرة الأحب إلى قلوب الأطفال فهي فقرة إجراء التجارب، حيث يتم تقسيم الأطفال إلى مجموعات ليقوموا بإجراء التجارب الفيزيائية بعد تطبيقها أمامهم من قبل المدربين، ثم تتم مناقشتها وشرحها لهم، وبهذه الطريقة يتعلّم الطفل ويحصل على أكبر قدر من الفائدة والتسلية معاً، وهو ما أكده العديد من الأطفال الذين تحدثوا عن كون التعليم بهذه الطريقة غير التقليدية يحمل الكثير من الفائدة والمتعة، وهو ما يجعلهم في شوق دائم للقدوم للنادي، وللقيام بتجارب فيزيائية مسلية حين تتاح الفرصة لهم.

أساليب تدريبية

كانت ملفتة في هذا المشروع الأدوات التدريبية المختلفة التي يقوم بتطبيقها المدربون المتواجدون، إذ يستخدم المدربان عصام شعلان، ومرح الحمصي العديد من الأساليب التدريبية كعمل المجموعات لتنفيذ التجارب، والعصف الذهني، وإدارة الحوار، وكذلك الأنشطة الحركية الهادفة، إلى جانب الوسائل الحسية، ويؤكد الطاقم التدريبي بأن النادي يعمل على تنمية مهارات التفكير العليا للطفل، النقدية والإبداعية، ومهارات الملاحظة والتحليل، إضافة إلى المهارات الأساسية كمهارة التواصل، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، وهي مهارات وأشياء لازمة للطفل، وتنمي حس الموهبة والإبداع لديه، وتختلف عن طرق التعليم النمطي التي تدرج في معظم مدارسنا، أما عن محاور النادي فهي تتعدد بتعدد الأقسام المختلفة للفيزياء، فهناك قسم الكهرباء الساكنة، والصوت، والضوء، والحرارة، والسوائل، وفيزياء الأرض والضغط الجوي، والفيزياء الفلكية، ويؤكد مدربا النادي على تطوير المادة التدريبية باستمرار بما يتلاءم مع قدرات ورغبات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين  ٩ إلى ١٤ سنة، يقول المدرب عصام شعلان: “إيماني الشديد بما أقدمه للأطفال هو ما جعلني أراهن على نجاح النادي، إلا أن النجاح الذي حققه فاق كل التوقعات”، أما المدربة مرح الحمصي فتقول: “لا يمكنني وصف السعادة التي تغمرني عندما أشاهد وجوه الأطفال أثناء الجلسة، كما لو أنني طفلة معهم، وأسعد بالتجربة كما لو أنني أنفذها لأول مرة”.

محمد محمود