أخبارصحيفة البعث

الكونغرس يخضع للوبي السلاح

 

 

عانت مدن أميركية، خلال السنوات الماضية، من العديد من الهجمات الدامية بأسلحة فردية ورشاشة، استهدفت مدارس وجامعات وكنائس وغير ذلك، وسقط خلالها عشرات القتلى والمصابين، واكتست بعض الهجمات طابعاً عنصرياً تجاه الأجانب، وفي مقدمتهم الأفارقة، الذين يعانون من تمييز عنصري واستغلال كبيرين، في ظل استمرار قوانين التسلّح الفردي، الذي تشجّعه السلطات الأميركية بحجة ما يسمّى “الدفاع عن النفس”. وكان آخر حوادث إطلاق النار في الرابع عشر من الشهر الجاري، عندما قُتل 17 شخصاً وأصيب العشرات على يد شاب يبلغ من العمر 19 عاماً، حيث فتح نيران رشاش كان بحوزته من نوع “إيه آر” في مدرسته الثانوية السابقة مارجوري ستونمان دوغلاس بمدينة باركلاند في ولاية فلوريدا، ما أدى أيضاً إلى إثارة حالة من الهلع الشديد.
وفي أعقاب الحادث دعا طلاب المدرسة إلى استصدار تشريع متشدّد حيال امتلاك الأسلحة النارية في الولايات المتحدة، في محاولة للضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يعتبر مؤيداً قوياً لحيازة الأسلحة النارية في بلاده.
وبدلاً من أن يعالج ترامب المشكلة دعا مؤخراً إلى تسليح المعلمين، زاعماً أن تسليحهم قد يساعد على منع وقوع مجازر كتلك التي وقعت في مدرسة بولاية فلوريدا، ملمّحاً إلى أن النسبة يمكن أن تصل إلى 20 بالمئة من المعلمين، وهذا يعني أسلحة لنحو 700 ألف معلم، وهو ما يعدّ تجارة رابحة محتملة لمصنّعي الأسلحة.
وسارعت نقابات المعلمين إلى إدانة مقترحه، إن ترامب يؤيد “سباق تسلّح من شأنه أن يحوّل المدارس إلى حصون عسكرية”.
وملخّصاً معارضة الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ، وصف السناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال فكرة تسليح معلمين بأنها “جنون وانحراف عن التحرّك المنطقي بدعم من الجمعية الوطنية للبنادق”، وقال: “إن تسليح المعلمين جنون وهو طريق يقود إلى إطلاق نار متهوّر ومثير للذعر وسرقة الأسلحة وسواها من المخاطر المميتة. لا فرصة أمامه في مجلس الشيوخ”.
يذكر أن المنظمة الأمريكية للسلاح تسجّل حضوراً قوياً في الساحة السياسية، ويحسب لها الأعضاء المنتخبون في الكونغرس 1000 حساب.
وعلى مدى عقود نجحت المنظمة، التي تضم أربعة ملايين عضو، في مواجهة كل المساعي الرامية لفرض قيود على السلاح.
وتمكّن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون من منع تداول البنادق الهجومية، في 1994، إلا أن المنظمة استطاعت أن تلغي القانون بعد 10 سنوات من تنفيذه.
وتزايد نفوذها بشكل لافت فيما بعد وذلك لأسباب أهمها قاعدة عريضة من الناشطين الملتزمين بالدفاع عن حق حمل السلاح، فضلاً عن الدعم الذي توفّره الأموال الطائلة التي تدرّها هذه الصناعة، دون أن ننسى الآلة السياسية التي تمتلكها المنظمة في العاصمة وغيرها من الولايات التي تقوم بالتأثير في صناع القرار من المنتخبين وحكام الولايات.
وتدور في الكونغرس الأميركي نقاشات لم تتوصل إلى نتيجة حول قوانين الأسلحة، رغم عمليات إطلاق نار جماعي واستطلاعات تظهر أن أغلبية الأميركيين يؤيدون تشديد القوانين، ما يؤكد أن الكونغرس يخضع لإملاءات هذه المنظمة.
تقارير